قال: ووجه الدليل من الآية ثلاثة أوجه:
الأول: أنه اقتصر في جوابهم على سؤالهم عن الإِخبار بأنه (أذى) ومن شرط الجواب أن يكون مطابقًا للسؤال، وذلك يقتضي أن يكون كل أذى حيض؛ لأنهم سألوا عن المحيض، فأخبروا بأنه أذى، والأذى يطلق على القليل، والكثير، فلولا أن يسيره حيض لما صحَّ الجواب. وهذا الوجه الذي ذكر ضعيف؛ لأنه لا يلزم مطابقة الجواب للسؤال من جميع الوجوه.
قال: الوجه الثاني: أنه تعالى أمرنا باعتزالهن في حال الحيض، وعلق الأمرِ باعتزالهن على شرط وجوده، فلا بدّ من أن يكون لنا ما نعلم به كونهن حِيْضَا؛ ليصبح منا إمْتثال الأمر بالإعتزال، ويكون ذلك قبل أن ينقضي وقته، فلو كان محدودًا بثلاثة أيام لما عَلِمْتَ في ابتدائه هل يدوم ثلاثة أيام، فيكون حيضًا مانعًا من الصلاة، أو أقل فلا يمنع فيؤدى إلى تكليف مالا يطاق.
أما إذا قلنا: أول دم تراه ولو دفعة، فهو حيض أمكن اعتزالهن، وسقوط التكليف عنهن.
الثالث: أن السؤال وقع عن الحيض، والحيض هو السيلان، فأول دم تراه يتناوله الاسم؛ لصدق السيلان عليه.


الصفحة التالية
Icon