انهما لما وضعا للمدح العام، والذم العام، جعل فاعلهما عاما، ليطابق معناهما، اذ لو جعل خاصا، لكان نقضا للغرض، لان الفعل اذا اسند الى عام عم، واذا اسند الى خاص خص.
الوجه الثاني: انهم جعلوه جنسا، ليدل ان الممدوح، والمذموم، مستحق المدح، والذم في ذلك الجنس، فاذا قلت: «نعم الرجل زيد» اعلمت ان «زيد» الممدوح في الرجال من اجل الرجولية، وكذلك حكم الذم، واذا قلت: «نعم الظريف زيد» دللت بذكر الظريف ان «زيدا» ممدوح في الظراف، من اجل الظرف.
ولو قلت: «نعم زيد» لم يكن في اللفظ ما يدل على المعنى الذي استحق
به «زيد» المدح، لان لفظ «نعم» لا يختص بنوع من المدح دون نوع، ولفظ «زيد» ايضا لا يدل، اذا كان اسما علما وضع للتفرقة بينه وبين غيره، فاسند الى اسم جنس ليدل انه ممدوح، او مذموم في نوع من الانواع.
والمضاف الى ما فيه الالف واللام بمنزلة ما فيه الالف واللام، يعمل «نعم وبئس» فيه كما يعمل في الاول (١).
والثاني: وهو ما كان فاعله مضمرا قبل الذكر فيفسر بنكرة منصوبة، نحو قولك: «نعم رجلا زيد»، «وبئس غلاما عمرو» ففي كل واحد من «نعم وبئس» فاعل اضمر قبل ان يتقدمه ظاهر، فلزم تفسيره بالنكرة ليكون هذا التفسير في تبنيه بمنزلة تقدم الذكر له، والاصل في كل مضمر ان يكون بعد الذكر، والمضمر هاهنا «الرجل» في «نعم رجلا»، «والغلام» في «بئس غلاما» استغنى عنه بالنكرة المنصوبة التي فسرته، لان كلّ مبهم من الاعداد انما يفسر بالنكرة المنصوبة، ونصب النكرة هنا على التمييز اهـ (٢) قال «ابن مالك» ت ٦٧٢ هـ
فعلان غير منصرفين... نعم وبئس رافعان اسمين
ما قارني اول مضافين لما... قارنها كنعم عقبى الكرما
ويرفعان مضمرا يفسره... مميز كنعم قوما معشره
_________
(١) انظر: شرح المفصل ح ٧ ص ١٣١.
(٢) انظر: شرح المفصل ح ٧ ص ١٣٠ - ١٣١.