الظاهرة الثانية:
لم يثبت من قريب او بعيد ان «النبي» صلّى الله عليه وسلم بين المراد من الأحرف السبعة.
ولعل ذلك يرجع الى عدة عوامل اهمها:
ان ذلك كان معروفا لدى الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين، فلم يحتاجوا الى بيانه، لأنهم لو كانوا في حاجة الى معرفة ذلك لسألوا الرسول صلّى الله عليه وسلم، فعدم سؤالهم دليل على عدم خفائه عليهم.
ومنذ فترة طويلة وانا مهتم بهذه القضية كما اهتم بها غيري، فطوفت بين ثنايا الكتب والمصنفات ووقفت على العديد مما كتبه السابقون جزاهم الله خيرا، واقتبست من تلك الآراء ارجحها، وتركت ما تكرر منها، وما كان مجهول الأصل، ثم رتبتها ترتيبا زمنيا، وعلقت على ما يستوجب التعليق منها، وفي نهاية المطاف بينت رأيي في هذه القضية الهامة مع بيان سبب ذلك.
وقبل الدخول في بيان تلك الآراء اقول:
لقد اتفق العلماء قديما وحديثا على انه لا يجوز ان يكون المراد بالأحرف السبعة قراءة هؤلاء القراء المشهورين (١) كما يظنه الكثيرون من الذين لا صلة لهم بعلوم «القرآن» لأن هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد وجدوا اثناء نزول القرآن الكريم.
قال «مكي بن ابي طالب» ت ٤٣٧ هـ (٢):
_________
(١) وهم:
١ - نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم ت ١٦٩ هـ.
٢ - عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله ت ١٢٠ هـ.
٣ - أبو عمرو بن العلاء البصري ت ١٥٤ هـ.
٤ - عبد الله بن عامر الشامي ت ١١٨ هـ.
٥ - عاصم بن بهدلة أبي النجود ت ١٢٧ هـ.
٦ - حمزة بن حبيب الزيات ت ١٥٦ هـ.
٧ - علي بن حمزة الكسائي ت ١٨٩ هـ.
(٢) هو: مكى بن أبي طالب حموش القيسي الأندلسي، كان اماما في القراءات متبحرا في القراءات متبحرا في علوم القرآن، والعربية، والنحو، له عدة مؤلفات، توفي سنة ٤٣٧ هـ.
انظر: معجم الأدباء ج ٧ ص ١٧٣، وبغية الوعاة ص ٣٩٦.