ظاهرة الفتح والامالة
قضية الفتح والامالة احدى الظواهر اللغوية التي كانت متفشية بين القبائل العربية منذ زمن بعيد قبل الاسلام.
والمراد بالفتح هنا: فتح المتكلم لفيه بلفظ الحرف.
والامالة لغة: التعويج، يقال: املت الرمح ونحوه اذا عوجته عن استقامته.
واصطلاحا: تنقسم الى قسمين: كبرى، وصغرى.
فالكبرى: ان تقرب الفتحة من الكسرة، والالف من الياء من غير قلب خالص، ولا اشباع مبالغ فيه: وهي الامالة المحضة، ويقال لها الاضجاع، والبطح.
والصغرى: هي ما بين الفتح والامالة الكبرى، ويقال لها: «بين بين» اي بين الفتح والامالة الكبرى.
واعلم انه لا يمكن للانسان ان يحسن النطق بالامالة سواء كانت صغرى، او كبرى، الا بالتلقي والمشافهة.
وبالتتبع يمكنني بصفة عامة ان انسب «الفتح» الى القبائل العربية التي كانت مساكنها غربي الجزيرة العربية بما في ذلك قبائل الحجاز امثال:
«قريش- وثقيف- وهوازن- وكنانة».
وان ننسب «الامالة» الى القبائل التي كانت تعيش وسط الجزيرة،
وشرقيها، امثال: «تميم- وقيس- وأسد- وطيء- وبكر بن وائل- وعبد القيس» (١).
فان قيل: ايهما الاصل الفتح او الامالة؟
اقول: هناك رأيان للعلماء: فبعضهم يرى ان كلا منهما اصل قائم بذاته، والبعض الآخر يرى ان الفتح اصل والامالة فرع عنه (٢).
وانني ارجح القول القائل بأن كلا منهما اصل قائم بذاته، اذ كل منهما
_________
(١) انظر: في اللهجات العربية للدكتور إبراهيم أنيس ص ٦٠.
(٢) انظر: النشر في القراءات العشر ج ٢ ص ١٧٤.