قال «ابن هشام» ت ٧٦١ هـ: «حاشا» على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون فعلا متعديا متصرفا، تقول: «حاشيته» بمعنى استثنيته.
الثاني: أن تكون تنزيهية نحو قوله تعالى: وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ وهي عند «المبرد، وابن جني، والكوفيين» فعل قالوا: لتصرفهم فيها بالحذف، ولادخالهم اياها على الحرف، وهذان الدليلان ينافيان الحرفية، ويثبتان الفعلية.
قالوا: والمعنى في الآية: جانب يوسف المعصية لأجل اللَّه.
ولا يتأتى هذا التأويل في مثل «حاش للَّه ما هذا بشرا».
والصحيح أنها اسم مرادف للبراءة من كذا، بدليل قراءة بعضهم
«حاشا للَّه» بالتنوين (١) كما يقال «براءة من كذا» وعلى هذا فقراءة «ابن مسعود» ت ٣٢ هـ رضي اللَّه عنه «حاش اللَّه» (٢) كمعاذ اللَّه ليس جارا ومجرورا، كما وهم «ابن عطية»، عبد الحق بن غالب الغرناطي ت ٥٤٢ هـ لأنها انما تجر في الاستثناء، ولتنوينها في القراءة الأخرى، ولدخولها على اللام في قراءة السبعة، والجار لا يدخل على الجار، وانما ترك التنوين في قراءتهم لبناء «حاشا» لشبهها بحاشا الحرفية.
وزعم بعضهم انها اسم فعل معناها: «أتبرأ» أو «برئت» وحامله على ذلك بناؤها، ويرده اعرابها في بعض اللغات (٣).
الثالث: أن تكون للاستثناء:
فذهب «سيبويه» ت ١٨٠ هـ وأكثر البصريين الى انها حرف دائما بمنزلة «الا» لكنها تجر المستثنى.
وذهب «الجرمي، والمازني، والمبرد والزجاج، والأخفش،
_________
(١) وهي قراءة شاذة.
(٢) وهي قراءة شاذة.
(٣) انظر: مغني اللبيب ص ١٦٤.


الصفحة التالية
Icon