«الفاء» في هذه الآية للسببية وفاء السببية لا تستلزم التعقيب.
والثالث: السببية، وذلك غالب في العاطفة جملة، أو صفة، فالأول:
نحو قوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ (١).
«وأما الصفة فنحو قوله تعالى: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٢).
والوجه الثاني من أوجه الفاء: أن تكون رابطة للجواب، وذلك حيث لا يصلح لأن يكون شرطا، وهو منحصر في عدة مسائل:
إحداها: أن يكون الجواب جملة اسمية، نحو قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣).
والثانية: أن يكون الجواب جملة فعلية فعلها جامد، نحو قوله تعالى:
إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً* فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ (٤).
والثالثة: أن يكون فعلها انشائيا، نحو قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (٥).
والرابعة: أن يكون فعلها ماضيا لفظا ومعنى، نحو قوله تعالى:
قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (٦).
والخامسة: أن تقترن بحرف استقبال، نحو قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (٧).
«فأطلع»
من قوله تعالى: فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى (٨).
قرأ «حفص» «فأطلع» بالنصب، على أنه منصوب بأن المضمرة بعد
_________
(١) سورة القصص آية ١٥.
(٢) سورة الواقعة آية ٥٢ - ٥٤.
(٣) سورة المائدة آية ١١٨.
(٤) سورة الكهف آية ٣٩ - ٤٠.
(٥) سورة آل عمران آية ٣١.
(٦) سورة يوسف آية ٧٧.
(٧) سورة المائدة آية ٥٥.
(٨) سورة غافر آية ٣٧.


الصفحة التالية
Icon