فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم الى المرافق، وأرجلكم الى الكعبين، وامسحوا برءوسكم، وحينئذ يكون هناك تقديم وتأخير في الآية، وذلك جائز في اللغة العربية، لأن الواو لمطلق الجمع فلا تقتضي الترتيب.
وقد جاء ذلك في قوله تعالى: يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (١).
والمعنى: واركعي، واسجدي، لأن الركوع قبل السجود.
والسنة المطهرة جاءت بغسل الرجلين، يؤيد ذلك الحديث التالي:
فعن «عبد الله الصنابحي» رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر (٢) خرجت الخطايا من أنفه، فاذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه (٣) فاذا غسل يديه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج تخرج من أظفار يديه، فاذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فاذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه الى المسجد وصلاته نافلة» (٤).
وقرأ باقي القراء «وأرجلكم» بخفض السلام، وذلك عطفا على «برءوسكم» لفظا ومعنى، ثم نسخ المسح بوجوب الغسل وفقا لما جاءت به السنة المطهرة: العملية، والقولية، كما أجمع المسلمون على غسل الرجلين.
أو بحمل المسح على بعض الأحوال وهو للسن الخف (٥).
_________
(١) سورة آل عمران آية ٤٣.
(٢) الاستنثار: اخراج الماء من الأنف.
(٣) أشفار: جمع شفر، وشفر الجفن: حرفه الذي ينبت عليه الهدب: بضم الهاء، وسكون الدال، انظر المعجم الوسيط ح ١ ص ٤٨٩.
(٤) رواه مالك، والنسائي، وابن ماجة وقال صحيح، انظر: الترغيب والترهيب ح ١ ص ١٨٩.
(٥) قال ابن الجزري: أرجلكم بنصب ظبا عن كم أضارد.
انظر: النشر في القراءات العشر ح ٣ ص ٤٠. والكشف عن وجوه القراءات ح ١ ص ٤٠٦. والمهذب في القراءات العشر ح ١ ص ١٨٠.