«جعلنا» المتقدم ذكره في قوله تعالى: الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً كأنه قال سويناه للناس سواء، في معنى تسوية، ويرفع «العاكف» به، أي مستويا فيه العاكف، والمصدر يأتي بمعنى اسم الفاعل «سواء» وان كان مضمرا، فهو بمعنى «مستو» كما قالوا: رجل عدل، بمعنى:
عادل، وعلى ذلك اجاز «سيبويه» وغيره: مررت برجل سواء درهمه، وبرجل سواء هو العدم، اي مستو.
ويجوز نصبه على أنه مفعول ثان «لجعلنا» و «للناس» متعلق بجعل، و «العاكف» فاعل «سواء» لأنه مصدر بمعنى اسم الفاعل، والمعنى:
جعلناه مستويا فيه العاكف والباد.
وقرأ الباقون «سواء» بالرفع، على أنه خبر مقدم، والعاكف مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب مفعول ثان لجعل (١).
«سيقولون للَّه» الأخيرين أي الثاني، والثالث، من قوله تعالى:
(سيقولون الله قل أفلا تتقون) (٢).
(سيقولون الله قل فأنى تسحرون) (٣).
قرأ «أبو عمرو، يعقوب» «اللَّه» باثبات همزة الوصل، وفتح اللام
وتفخيمها، ورفع الهاء من لفظ الجلالة فيهما، والابتداء بهمزة مفتوحة، على أنه مبتدأ والخبر محذوف، تقديره: اللَّه ربها في الأول، لأن قبله قوله تعالى: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٤).
واللَّه بيده ملكوت كل شيء في الثاني، لأن قبله قوله تعالى: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ (٥).
والجواب على هذا مطابق للسؤال لفظا ومعنى:
_________
(١) قال ابن الجزري: سواءً نصب رفع علم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح ٣ ص ١٩٨. والكشف عن وجوه القراءات ح ٢ ص ١١٨. والمهذب في القراءات العشر ح ٢ ص ٤٧. ومشكل اعراب القرآن ح ٢ ص ٩٥.
(٢) سورة المؤمنون آية ٨٧.
(٣) سورة المؤمنون آية ٨٩.
(٤) سورة المؤمنون آية ٨٦.
(٥) سورة المؤمنون آية ٨٨.