والأصل: «فامنوا بالله وبي» فعدل عن ذلك لنكتتين:
١ - دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها.
٢ - تنبيههم على استحقاقه، لاتباع بما اتصف به من الصفات المذكورة، من النبوة، والأمية التي هي أكبر دليل على صدقه، وأنه لا يستحق الاتباع لذاته، بل لهذه الخصائص.
الخامس: الالتفات من التكلم الى الخطاب، ووجهه حث السامع، وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه، وأعطاه فضل عناية تخصيص بالمواجهة، مثل قوله تعالى: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١).
والأصل: «واليه أرجع» فالتفت من التكلم الى الخطاب، ونكتته انه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه، وهو يريد نصح قومه تلطفا، واعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه ثم التفت اليهم لكونه في مقام تخويفهم، ودعوتهم الى الله تعالى.
السادس: الالتفات من الخطاب الى التكلم.
وهذا القسم ليس له شاهد من القرآن الكريم.
ومثله من الشعر قول: «علقمة بن عبدة» ت ٢٠ قبل الهجرة (٢).
طحا بك قلب في الحسان طروب | بعيد الشباب عصر حان مشيب (٣) |
تكلفني ليلى وقد شط وليها | وعادت عواد بيننا وخطوب (٤) |
_________
(١) سورة يس آية ٢٢.
(٢) هو: علقمة بن عبدة بن النعمان بن ناشرة بن قيس، شاعر جاهلي، من بني تميم، من فحول الشعراء كان معاصرا «لأمرى القيس بن حجر» وله معه مساجلات:
من آثاره ديوان شعره، توفي سنة ٢٠ قبل الهجرة: لسنة ٦٠٣ م.
انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح ٦ ص ٢٩٤.
(٣) طحا بك: ذهب بك
(٤) شط وليها: بعد قربها وعهدها.