غير حدهما لأن ما يأتي بعد هذا من تشديد التاءات لم يقع فيه الجمع بين الساكنين إلا على حدهما فإن قيل وما حد اجتماع الساكنين، قيل اختلف النحاة فيه لكن المشهور منه أن يكون الأول منهما حرف مد ولين والثاني مدغما نحو ولا تيمموا ومنهم من أجاز الجمع إذا كان الثاني مدغما فيكون حدهما عنده إدغام الثاني فقط وعليه قراءة البزي في بعض هذه التاءات، ومنهم من قال أن يكون الأول حرف مد ولين فقط وعليه قراءة نافع في محياي بإسكان الياء بخلاف عن ورش وجملة المواضع التي وقع فيها الساكن على غير حده عشرة: هَلْ تَرَبَّصُونَ، وَإِنْ تَوَلَّوْا [الأنفال: ٤٠]، وفَإِنْ تَوَلَّوْا حرفي هود وإِذْ تَلَقَّوْنَهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا بالنور وعَلى مَنْ تَنَزَّلُ وأَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ وأَنْ تَوَلَّوْهُمْ وناراً تَلَظَّى وشَهْرٍ تَنَزَّلُ وقد قررنا فيما تقدم أن الساكن الذي قبل المدغم على ثلاثة أقسام قسم قبله ساكن صحيح نحو هل تربصون وقسم قبله متحرك نحو الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ، وقسم قبله حرف مد نحو وَلا تَيَمَّمُوا. ثم ذكر بقية التاءات فقال:

تميّز يروي ثمّ حرف تخيّرو ن عنه تلهّى قبله الهاء وصّلا
وفي الحجرات التّاء في لتعارفوا وبعد ولا حرفان من قبله جلا
وكنتم تمنّون الّذي مع تفكّهو ن عنه على وجهين فافهم محصّلا
الضمير في يروى يعود على البزي أي وشدّد البزي التاء في قوله تكاد تميز بالملك وإن لكم فيه لما تخيرون بالقلم فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: ١٠] في عبس قبله الهاء وصلا يعني أن البزي يصل الهاء بواو على أصله فيقع التشديد بعد حرف مد وهو الواو فتبقى مثل وَلا تَيَمَّمُوا وشدد البزي أيضا التاء في وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا بالحجرات وفيها وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات: ١٢]، فهذان موضعان كل منهما بعد لفظ ولا هما من قبل لِتَعارَفُوا في سورة الحجرات فهذا آخر الكلمات المعدودة الإحدى والثلاثين المشددة للبزي بلا خلاف فيها: سبعة بعد متحرك وأربعة عشر بعد حرف مد وعشرة بعد ساكن صحيح ثم ذكر موضعين آخرين مختل عنه فيهما وهما وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ
[آل عمران: ١٤٣]، وفَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة: ٦٥]، وقوله عنه أي عن البزي فيهما وجهان التشديد وتركه. واعلم أنه في كلا الوجهين يصل ميم الجمع أما إذا لم يشدد التاء فظاهر لوقوعها قبل محرك وأما إذا شدد التاء فيصلها كما وصل الهاء في عنه تلهى ويزاد حرف المد مدّ الحجز كآمين فإن قيل لم ينص على صلة الميم هنا كما فعل في قوله عنه تلهى. قيل لا حاجة لذلك فإنه معلوم من موضعه وإنما احتاج إلى تتمة البيت فتممه بقوله قبله الهاء وصلا وقرأ الباقون بتخفيف التاء في الباب كله. وقوله فافهم محصلا أي كن صاحب فهم في حال تحصيلك العلم.
نعمّا معا في النون فتح كما شفا وإخفاء كسر العين صيغ به حلا
أخبر أن المشار إليهم بالكاف والشين في قوله كما شفا وهم ابن عامر وحمزة والكسائي قرءوا إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ [النساء: ٥٨]، بفتح النون وإلى الموضعين أشار بقوله معا وتعين للباقين القراءة بكسر النون ثم أخبر أن المشار إليهم بالصاد والباء والحاء في قوله صيغ به حلا وهم شعبة وقالون وأبو عمرو قرءوا بإخفاء كسر العين والمراد بالإخفاء هنا اختلاس كسر العين فتعين للباقين القراءة بإتمام الكسر فصار ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون وكسر العين وابن كثير وورش وحفص بكسر النون والعين وأبو عمرو وقالون وشعبة بكسر النون واختلاس كسرة العين فتصير بين الكسر والسكون.


الصفحة التالية
Icon