واحد من الضدين يدل على الآخر، ومنها ما يطرد ولا ينعكس. فبدأ بالقسم الأول من القسمين أعني الذي يعلم من جهة العقل المطرد المنعكس.

كمدّ وإثبات وفتح ومدغم وهمز ونقل واختلاس تحصّلا
المد ضده القصر كقوله: فإن ينفصل فالقصر بادره. وقوله: وعن كلهم بالمد ما قبل ساكن، وتارة يعبر بالمد عن زيادة حرف كقوله: وفي حاذرون المد، وتارة يعبر
بالقصر عن حذف الألف كقوله: وقل لابثين القصر. قوله: وإثبات الإثبات ضده الحذف كقوله:
وتثبت في الحالين درا لوامعا وقل قال موسى واحذف الواو دخللا
قوله: وفتح الفتح هنا ضده الإمالة الكبرى والصغرى، ولم يستعمله الناظم إلا في قوله في سورة يوسف: والفتح عنه تفضلا، وفي باب الإمالة في قوله: «ولكن رءوس الآي قد قل فتحها». وإنما لم يقع التقييد بالفتح إلا في هذين الموضعين، لأن القراءة إذا كانت دائرة بين الفتح والإمالة، فما يعبر الناظم بالفتح لعدم دلالة الفتح على أحد نوعي الإمالة،
لأن الإمالة منقسمة صغرى وكبرى فما تفهم القراءة الأخرى لو عبر بالفتح، فيعبر بالإمالة إما الصغرى أو الكبرى وأيهما كانت فضدها الفتح.
والصحيح أن الفتح هنا غير الفتح الذي يأتي مؤاخيا بينه وبين الكسر، لأن الفتح هنا ضد الإمالة بخلافه ثم فإن ضده الكسر. قوله: ومدغم إلى آخره، ضد الإدغام الإظهار.
وضد الهمز ترك الهمز وضد النقل إبقاء الهمز على حركته، وإبقاء الساكن قبله. وضد الاختلاس إكمال الحركة، لأن معنى الاختلاس خطف الحركة والإسراع بها، وقوله:
تحصلا، أي تحصل في الروية وثبت.
ثم شرع في بيان الأضداد التي اصطلح عليها فقال:
وجزم وتذكير وغيب وخفّة وجمع وتنوين وتحريك اعملا
الجزم ضده في اصطلاحه الرفع، وهو يطرد ولا ينعكس. أما بيان اطراده فلأنه متى ذكر الجزم فخذ ضده الرفع، كقوله: وبالقصر للمكي واجزم فلا يخف. وأما الرفع فضده النصب كما سيأتي. والتذكير ضده التأنيث، وكل من الضدين يدل على الآخر كقوله: وذكر لم يكن شاع، وقوله: وإن تكن أنث. والغيبة ضدها الخطاب، وكل من الضدين يدل على الآخر كقوله: وفي يعملون الغيب حل، وقوله: وتدعون خاطب إذ لوى. والخفة ضدها الثقل، وكل منهما يدل على صاحبه، كقوله: وكوفيهم تساءلون مخففا. وقوله: وحق وفرضنا ثقلا والجمع ضده التوحيد والإفراد، وهو من الأضداد المطردة المنعكسة باصطلاحه نحو: وجمع رسالاتي حمته ذكوره، وكقوله: خطيئته التوحيد رسالات فرد. والتنوين ضده تركه، وهو من الأضداد المطردة المنعكسة كقوله: لثمود نوّنوا واخفضوا رضى وقوله: ثمود مع الفرقان والعنكبوت لم ينون. والتحريك ضده الإسكان، سواء كان مقيدا نحو: وحرك عين «الرعب» ضما أو مطلقا، نحو: معا قدر حرك من صحاب، وقوله: اعملا أي عاملا في الحرف.
وحيث جرى التّحريك غير مقيّد هو الفتح والإسكان آخاه منزلا
التحريك يقع في القصيد على وجهين: مقيد، وغير مقيد، فالمقيد كقوله: واللام حركوا برفع خلودا، وكقوله: وحرك عين الرعب ضما. وغير المقيد كقوله: معا قدر حرك.
ولا يكون إذا إلا فتحا، ومثله قوله:


الصفحة التالية
Icon