جلا وموضحا» أي مبينا، والجيد العنق، والمعم المخول ذو الأعمام والأخوال، وذلك أنهم كانوا يعرفون الصبي ذا الأعمام والأخوال بجيده لما فيه من الزينة.

ومن كان ذا باب له فيه مذهب فلا بدّ أن يسمى فيدرى ويعقلا
يريد أن القارئ إذا انفرد بباب لم يشاركه فيه غيره ذكره في ذلك الباب باسمه من غير رمز زيادة في البيان كقوله: ودونك الإدغام الكبير «وقطبه: أبو عمرو»، وقوله: وفي هاء تأنيث الوقوف وقبلها: «ممال الكسائي»، وقوله: «وغلظ ورش فتح لام لصادها». وبانتهاء هذا البيت انتهى ما رتبته من الرموز والاصطلاح في القصيد، ثم شرع يثني عليها فقال:
أهلّت فلبّتها المعاني لبابها وصغت بها ما ساغ عذبا مسلسلا
الإهلال: رفع الصوت أي نادت صارخة بالمعاني، فلبتها أي أجابتها بقولها: لبيك، أي أقامت دائمة على الإجابة، من ألبّ بالمكان: أقام به، ولباب المعاني خالصها، وضعت من الصياغة ويعبر بها عن إتقان الشيء وإحكامه، وساغ سهل، والعذب الحلو والمسلسل السلس، يعني أنه نظم فيها اللفظ الحلو السلس الذي سهل على اللسان لتناسب مادته حال التذاذ السمع به لملاءمة الطبع.
وفي يسرها التّيسير رمت اختصاره فأجنت بعون الله منه مؤمّلا
رمت الشيء طلبت حصوله: أي أنه لما قصد اختصار كتاب التيسير ونظم مسائله في هذه القصيدة استعان بالله تعالى، فحصل له فيها ما أمله من المنفعة للمسلمين، واختصار
الشيء جمع معانيه في أقل من ألفاظه واستعار الجني للمعاني للطافتها. والتيسير يقرأ برفع الراء ونصبها والرفع الرواية. ومصنف التيسير هو الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، وأصله من قرطبة وهو مقرئ محدث مات بدانية في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وكتاب التيسير من محفوظات الشاطبي قال: عرضته حفظا عن ظهر قلب، وتلوت ما فيه على ابن هذيل بالأندلس:
وألفافها زادت بنشر فوائد فلفّت حياء وجهها أن تفضّلا
الألفاف: الأشجار الملتفة لكثرتها، والفوائد: جمع فائدة، أي نشرت فوائد زائدة على ما في كتاب التيسير من زيادة وجوه وإشارة إلى تعليل وغير ذلك، ومن جملة ذلك باب مخارج الحروف ثم بعد هذا استحيت أن تفضل على كتاب التيسير استحياء الصغير من الكبير، ولفت أي سترت والذي سترت به وجهها هو الرمز.
وسمّيتها حرز الأماني تيمّنا ووجه التّهاني فاهنيه متقبّلا
أخبر أنه سمى هذه القصيدة «حرز الأماني ووجه التهاني» وأخبر بهذه التسمية أيضا أنه أودع فيها أماني طالبي هذا العلم وأنها تقابلهم بوجه مرضي مهنئ بمقصودهم، وتيمنا تبركا ومعنى فأهنئه متقبلا: أي تهنأ بهذا الحرز في حال تقبلك وكن به متهنئا.
وناديت اللهمّ يا خير سامع أعذني من التّسميع قولا ومفعلا
ناديت: أي قلت ومعنى اللهم يا الله الميم عوض عن حرف النداء وقطع همزته ضرورة، ثم كرر


الصفحة التالية
Icon