أربعة أربعة علمت (١) أنه لا يسوغ لهم إلّا أن يقتسموا (٢) على أحد [أنواع] هذه القسمة. وليس لهم أن يجمعوا بينها فيجعلوا بعض القسم على تثنية وبعضه على تثليث وبعضه على تربيع ولذهب (٣) معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة التي دلّت عليها الواو. وتحريره أنّ الواو دلّت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على (٤ أ) طريق الجمع، إن شاءوا مختلفين في تلك الأعداد، وإن شاءوا متفقين [فيها] محظورا عليهم ما وراء ذلك.
هذا ما ذكره الزمخشريّ.
وقد وهم بعض الناس في تأويل هذه الآية فجعله دليلا على جواز التزويج بتسع نسوة على الجمع، وأجراه مجرى اثنين وثلاثة وأربعة، وليس كذلك، لأنّ المعنى:
فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنتين اثنتين، وإن شئتم ثلاثا ثلاثا، وإن شئتم أربعا أربعا.
ولو كان هذا محمولا على ظاهره لقيل: تسع، عوض من ثلاثة أشياء، لأنّ الإيجاز تقليل الكلام من غير إخلال، وإذا كان المعنى يمكن أن يعبّر عنه بألفاظ قليلة، ويعبّر عنه بألفاظ كثيرة، فالألفاظ القليلة إيجاز، فقول القائل: لي عند زيد عشرة، أوجز وأخصر من قوله:
لي عنده خمسة وثلاثة واثنان، في موضع: لي عنده عشرة.
وبلاغة القرآن أعلى طبقات البلاغة إذ هو معجز.
وقد قال بعض العلماء (٤): البلاغة إيصال المعنى إلى القلب (٤ ب) في أحسن صورة من اللفظ. فأعلاها طبقة في الحسن بلاغة القرآن، ولم يبح التزويج بتسع إلّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه أبيح له الجمع بين هذا العدد، وهو أحد خصائصه، عليه السّلام.
_________
(١) من الكشاف، وفي الأصل: لأعلمت.
(٢) الكشاف: يقتسموه.
(٣) الكشاف: وذهب.
(٤) مواد البيان ٢/ ١٣٢.