قال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجًّا معه ابن عَبَّاسٍ، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم.
الأعمش: حدثنا أبو وائل قال: خطبنا ابن عَبَّاسٍ، وهو أمير على الموسم، فافتتح سُورَةَ النور، فجعل يقرأ ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثل هذا، لو سمعته فارس، والروم، والترك لأسلمت.
قال علي بن المديني: توفي ابن عَبَّاسٍ سنة ثمان أو سبع وستين.
وقال الواقدي، والهيثم، وأبو نعيم: سنة ثمان، وقيل: عاش إحدى وسبعين سنة.
ب - دوره في التفسير:
فاز عبد اللَّه بن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - بدعوة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اللهم فقهه في الدِّين وعلمه التأويل "، فكان له القدح المعلى بين صحابة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في تفسير القرآن، حتى أنه يوجد له تفسير يتداوله الناس يسمى تفسير ابن عَبَّاسٍ.
وقد كان ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أكثر جرأة في الاجتهاد، فيروي عن ابن عمر أن رجلا أتاه يسأله عن (السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا)، فقال: اذهب إلى ابن عَبَّاسٍ فاسأله، ثم تعال فأخبرني، فذهب فسأله، فقال: " كانت السماوات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، ففتق هذه بالمطر وهذه بالنبات " فرجع إلى ابن عمر فأخبره فقال: " قد كنت أقول: ما يعجبني جراءة ابن عَبَّاسٍ على تفسير القرآن، فالآن علمت أنه أوتي علمًا ".
وابن عَبَّاسٍ يقف على رأس من يرون أن كلام العرب يوضح ما غمض من ألفاظ القرآن الكريم، وأن الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن رجعنا إلى ديوانها، ومساءلات نافع بن الأزرق التي أربت على المائتين تدل على ذلك.
ومن ثم يمكن القول -وللأمانة العلمية-: إن المنهج اللغوي في تفسير القرآن من صنع ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - فهو الذي أرسى دعائمه، معتمدًا في ذلك على البذور التي بذرها رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وخلفاؤه الراشدون، وبخاصة عمر.


الصفحة التالية
Icon