بعدهم.
وترتب على دخول الإسرائيليات والنصرانيات أن غص التفسير بكثير من الأباطيل، والخرافات، وممن ساعد على رواج هذه الأباطيل القصاص والوعاظ بالمساجد، ولم يسلم من نسبتها إليهم أئمة ورعون كالحسن البصري بالكوفة، ومُحَمَّد بن كعب القرظي بالمدينة.
ثالثًا: تعتبر هذه المرحلة من أخطر مراحل التفسير؛ إذ وضعت فيها بذور المذاهب الإسلامية، من نزوع العقل إلى فهم الآيات وتفسيرها، إلى تصرف في اللغة وإيغال في التأويل، وقد وجدنا هذا في مدرستي مكة والمدينة، بالقدر الذي وجد في مدارس الكوفة والعراق ومصر بعامة، وإن اختلف الأساس الذي بُني عليه هذا الفهم في كل مدرسة على حدة.
رابعًا: يعتبر التابعون هم المؤسسون الرئيسون للمدارس التفسيرية التي وجدت بذور نشأتها في عهد الصحابة - رضوان اللَّه عليهم - فقد تبلورت المدارس التفسيرية وبرزت وتحددت في عصر التابعين والعصور التالية.
خامسًا: ظهرت في هذا العصر نواة الخلاف المذهبي، فظهرت بعض تفسيرات تحمل في طياتها هذه المذاهب، فنجد مثلا قتادة بن دعامة السدوسي ينسب إلى الخوض في القضاء والقدر ويتهم بأنه قدري، ولا شك أن هذا أثر على تفسيره، ولهذا كان يتحرج بعض الناس من الرواية عنه، ونجد الحسن البصري يفسر القرآن على إثبات القدر، ويكفر من يكذب به.
سادسًا: شهدت هذه المرحلة محاولات فردية في تدوين التفسير، وإن ظل محتفظًا بطابعه في عهد الصحابة من الرواية والتلقي الشفهي مثل الحديث، إلا أنه لم يكن تلقيا ورواية بالمعنى الشامل كما هو الشأن في عصر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، بل كان تلقيا ورواية يغلب عليهما طابع الاختصاص، فأهل كل مصر يعنون -بوجه خاص- بالتلقي والرواية عن إمام مصرهم، فالمكيون عن ابن عَبَّاسٍ، والمدنيون عن أبي، والعراقيون عن ابن


الصفحة التالية
Icon