القرآنية ".
وأطلق التفسير الموضوعي على جميع الأشباه والنظائر في القرآن الكريم حسب مادة الكلمة، ثم ترتيبها ترتيبًا معجميًا، وذلك كما صنع الفقيه الدامغاني في كتابه: " إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ".
ونستطيع القول: إن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم هو معرفة مراد اللَّه تعالى من كلامه الكريم في آيات عديدة يجمعها موضوع واحد، وذلك بقدر الطاقة البشرية والعلوم المعنية.
ولكن مما ينبغي إبرازه أن التفسير الموضوعي وجد منذ عصر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وليس وليد العصر الحاضر، وذلك لسببين:
الأول: أن القرآن الكريم يفسر بعضهه بعضًا، فما أجمل في موضع فصل في موضع آخر، وما أبهم في موضع بين في موضع آخر، وهكذا، وفي ذلك يقول السيوطي عند حديثه عن شروط المفسر وآدابه: " قال العلماء: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولاً من القرآن، فما أجمل منه في مكان فقد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه، وقد ألف ابن الجوزي كتابًا فيما أجمل في القرآن في موضع وفسر في موضع آخر منه ".
والسبب الثاني: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قد استخدم هذا الأسلوب في بيان وتفسير ما أشكل على الصحابة من القرآن الكريم، حيث ضم الآيات إلى بعضها؛ ليتضح المعنى ويتبين المراد، فمن ذلك أن الصحابة - رضوان اللَّه عليهم - لما سمعوا قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، خافوا وظنوا أنهم قد حرموا الأمن والأمان؛ لأن الظلم واقع من كل إنسان لا محالة، حتى ظلمه لنفسه، فذهبوا إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في فزع وخوف، فطمأنهم، وبين لهم أنهم في أمن وأمان؛ لأن الظلم المراد في الآية هو الشرك، وتلا عليهم قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فاطمأنت نفوسهم بذلك.
وقد سار الصحابة على سنن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في ذلك، فكانوا يجمعون آيات القرآن