خرج مُحَمَّد النفس الزكية في مائتين وخمسين من أصحابه، فتوجه إلى السجن وأطلق سراح من فيه، ثم قبض على عامل أبي جعفر المنصور في المدينة وأمر بحبسه.
وفي الوقت الذي خرج فيه النفس الزكية في المدينة كان أخوه إبراهيم يدعو له في البصرة ويأخذ من أهلها البيعة له.
والحق أن أبا منصور لم يدع وسيلة تمكنه من الظهور على خصمه إلا اصطنعها، فكانت سياسته تجاه هذه الثورة مزيجًا من الحزم والدهاء، وقد ندب المنصور ابن عمه وولي عهده عيسى بن موسى للقضاء على النفس الزكية، فنهض بما أمر به خير نهوض لاسيما وقد تفرق عن النفس الزكية جل أنصاره وشيعته، فبقي في نفر قليل من خاصته، لم يغنه في مواجهة جيش مدرب منظم كجيش عيسى بن موسى، وقتل النفس الزكية واحتز رأسه وذلك في رمضان سنة ١٤٥ هـ.
وبعد أن فرغ عيسى من النفس الزكية في المدينة أمره المنصور بالتوجه إلى العراق للقضاء على أخيه إبراهيم، وكان قد تغلب على البصرة والأهواز وفارس، ودارت رحى الحرب وحمي وطيسها في باخمري بين الكوفة وواسط، وانجلى غبارها عن هزيمة إبراهيم وجنده، ولم يزل يناضل العباسيين في فئة قليلة حتى قتل فاحتز ابن قحطبة رأسه.
وهكذا استطاع المنصور بما أتيح له من حزم وذكاء أن يقضي على أول ثورة يحمل لواءها العلويون، فوطد دعائم خلافته ومكن لها من البقاء والاستمرار.
أبرز الأحداث السياسية في عهد الخليفة المهدي:
ولي الخلافة العباسية بعد أبي جعفر المنصور ابنه المهدي، ولبث في منصب


الصفحة التالية
Icon