واستغل البساسيري خروج طغرلبك من العراق وانشغاله بحصار الموصل ونصيبين فكاتب إبراهيم ينال أخا طغرلبك وأخذ يعده ويمنيه ويطمعه في ملك أخيه حتى أصغى إليه وحالف أخاه، فترك الموصل إلى الري، فتقدم البساسيري إلى الموصل وحاصرها وتمكن من إخضاعها سنة ٤٥٠ هـ وتهيأ لدخول بغداد، أما طغرلبك فقد انصرف إلى القضاء على عصيان أخيه إبراهيم ينال وتمكن من الظفر به وقتله بالقرب من الري سنة ٤٥٠ هـ.
وكان إبراهيم قد خرج على طغرلبك فعفا عنه، وإنما قتله في هذه المرة لأنه علم أن جميع ما جرى على الخليفة كان بسببه فلهذا لم يعف عنه.
قدم البساسيري بغداد سنة ٤٥٠ هـ بالرايات المصرية، وعليها ألقاب المستنصر صاحب مصر، وجرى القتال بينه وبين الخليفة القائم الذي انضم إليه نفر من أهل السنة وقاتلوا معه، بيد أن الخليفة لم يقو على صد البساسيري عن دار الخلافة فاستولى عليها بعد قتال دام شهرًا، وأقيمت الخطبة للمستنصر الفاطمي وزيد في الآذان: حي على خير العمل.
ثم قبض البساسيري على الخليفة وحمله إلى مدينة عانة حيث حبسه بها.
ولما فرغ السلطان طغرلبك من أمر أخيه إبراهيم ينال، عمل على إعادة الخليفة إلى بغداد، فكتب إلى قريش بن بدران يأمره أن يعيد الخليفة إلى داره ويتوعده إن لم يفعل ذلك، فكتب قريش إلى مهارش بن مجلي يخبره بذلك، فتولى مهارش أمر إعادة الخليفة إلى بغداد.
ثم جهز طغرلبك جيشًا لقتال البساسيري الذي لحق بواسط يتهيأ لقتال السلاجقة ليمنعه من الدخول إلى بلاد الشام، فظفر به جيش طغرلبك فقتل وحملت رأسه إلى بغداد.
وهكذا كانت فتنة البساسيري -كما ذكر ابن الأثير- أهم الأسباب التي حملت الخلافة العباسية على الاستعانة بالسلاجقة لتخليصهم من استبداد البويهيين ذوي الميول الشيعية والتي مثل البساسيري شكلاً من أشكالها.


الصفحة التالية
Icon