ومهادنتهم، فوثق به الخلفاء العباسيون حتى عهدوا إليه بولاية شرطة بغداد بالإضافة إلى حكم ولايات خراسان وفارس وأصبهان وسجستان والسند وكرمان، فقوي نفوذه واستقر ملكه.
وقد اتبع عمرو بن الليث نظامًا دقيقًا في مراقبة عماله وقواده، ورتب موارد دولته وعمل على تنميتها وزيادتها.
ولم يقنع عمرو بما استقام له من ملك ونفوذ على كثير من الولايات والممالك، فطمع في بلاد ما وراء النهر التي كانت تحت حكم الدولة السامانية.
والحق أن الخلافة العباسية هي التي أغرت عمرو بحرب السامانيين؛ إذ أرسلت إليه تفويضًا بحكم بلاد ما وراء النهر، وفي الوقت نفسه كتبت إلى الأمير إسماعيل بن أحمد الساماني سرًّا تدعوه إلى حرب الصفار وتعده بتوليته على ما تحت يديه من بلاد.
ويقول ابن الفقيه موضحًا هذه الخطة: " كتب المعتضد إلى الصفار يأمره أن يطلب إسماعيل بن أحمد، وأنه قد ولاه عمله، وكتب إلى إسماعيل بمثل ذلك ".
وكان أن رفض الأمير إسماعيل الساماني تسليم بلاد ما وراء النهر، وكتب إلى عمرو بن الليث قائلاً: " إنك قد وليت دنيا عريضة، وأنا في يدي ما وراء النهر، وأنا في ثغر، فاقنع بما في يدك، واتركني مقيمًا بهذا الثغر ".
وأسفر الصراع بين الجانبين عن هزيمة عمرو بن الليث الصفار ووقوعه في الأسر سنة ٢٨٧ هـ، وعامله الأمير الساماني معاملة كريمة، وخيره بين البقاء عنده أو إرساله إلى الخليفة فاختار السير إلى المعتضد، ولكن الخليفة أمر أن يشهر به ويلقى في السجن ثم قتله سنة ٢٨٩ هـ.
وقد تولى إمارة الدولة الصفارية -بعد عمرو بن الليث- طاهر بن مُحَمَّد بن عمرو بن الليث وكان صغيرًا لاهيًا عابثًا، فغلب عليه السبكري -غلام عمرو بن الليث- فاستبد


الصفحة التالية
Icon