والثاني: عن الأحوال التي ترد في ذلك. لكنه إذا كان ذلك على اعتقاد المذهب لم يجز الشك فيه؛ إذ المذاهب لا تعتقد لأوقات، إنما تعتقد للأبد؛ لذلك لم يجز الثناء فيه في الأبد. وباللَّه التوفيق.
ثم قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) يتوجه وجهين:
أحدهما: إلى التوحيد، وكذا رُوِيَ عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - أنه قال: " كُلُّ عبادةٍ في القرآنِ فهو توحيد ".
والوجه الآخر: أن يكون على كل طاعة أن يعبد اللَّه بها، وأصلها يرجع إلى واحد؛ لما على العبد أن يوحد اللَّه - تعالى - في كل عبادة لا يُشرك فيها أحدًا، بل يخلصها فيكون موحدًا لله تعالى بالعبادة والدِّين جميعًا.
وعلى ذلك قطعُ الطمع، والخوف، والحوائج كلها عن الخلقِ.
وتوجيهُ ذلك إلى اللَّه تعالى بقوله: (أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) وعلى ذلك المؤمن لا يطمعُ في الحقيقة بأحدٍ غير اللَّه، ولا يرفع إليه الحوائج، ولَا يخاف إلا من الوجه الذي يخشى أن اللَّه جعله سببًا لوصول بلاءٍ من بلاياه إليه على يديه؛ فعلى ذلك يخافُه، أو يرجو أن يكون اللَّه تعالى جعلَ سببَ ما دفعه إليه على يديه، فبذلك يرجو ويطمع، فيكون ذلك من الضالين، فيكون في ذلك التعوُّذُ من جميع أنواع الذنوب، والاستهداءُ إلى كل أنواع البر.
وقوله: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
فذلك طلب المعونة من اللَّه تعالى على قضاء جميع حوائجه دينًا ودنيا.
ويحتمل أن يكون هو على أثر الفزع إلى اللَّه بقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) على طلب التوفيقِ لما أَمر به، والعصمة عما حذره عنه، وكذلك الأَمر البين في الخلق من طلب التوفيق، والمعونة من اللَّه، والعصمةِ عن المنهي عنه جرت به سنة الأَخيار. واللَّه الموفق.


الصفحة التالية
Icon