حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)، كما قال: (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)، فأوجب الإخراج، من حيث أخرج، كما أوجب القتل من حيث قتل.
وقيل: لم يُخرَج من الحرم إذا لم يخرج منه، كما لم يُقتل في الحرم إذا لم يقتُل فيه.
أَو نقول بالإخراج للقتل، قَصْد ما لم يَسُغْ فعله فيها كان كالصيد يخرج، يلزم فيه ما يجب بالقتل؛ فمثله في موضع الحظر.
وبعد فإِنه لو أخرج لم يأمن بالحرم، بل زيد في عقوبته؛ إِذ الإخراج عقوبة، فقد زيد عليه، مع ما لم يجز في الكفار -الذين نهوا عن قتلهم- إِخراجهم للقتل، كذلك القاتل.
وذهب الآخر: إلى أنه يُخْرج؛ لإقامة الحد عند أبي حنيفة - رحمه اللَّه - وإن لم يرتكب فيه.
وإِخراج المرتكب له، أَقل في الحكم من إِقامته عليه. غير أنه غلط؛ لأن إِخراجه للقتل يرفع من الحد؛ لأَنه يصل إلى قتله، ولما في القتل عقوبة واحدة، وفي الإخراج عقوبتان.
ثم لم يلزمه العقوبة الواحدة -وهي القتل- إِذا لم يقتل فيه كان من ألا يلزمه العقوبتان أحق.
وقول: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)
اختلف في (مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ):
منهم من جعل الحرم كله مقامه -يصلي إليه- لمقامه هنالك بأَولاده.
ومنهم من جعل المسجد مقامه؛ لأَنه كان مكان عبادته فهو المصلى.
ومنهم من جعل ما ظهر من مقامه -وهو موضع ركوبه ونزوله- لما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أَنه لما قدم مكة قام إلى الركن اليماني، فقال عمر: " يا رسول الله! أَلا تتخذ مقامَ إبراهيم مصلى؟! " فأنزل اللَّه - تعالى -: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
وعندنا: القبلةُ البيتُ؛ كقوله - تعالى -: (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)،


الصفحة التالية
Icon