وقد أَوجب في الأَموال في كل سنة؛ لأن أَرباب الأَموال قد يتقلبون في البلاد النائية رغبة في فضول اللذات؛ فلذلك يجوز فرض مثل ذلك.
وعلى ذلك أَمر الجهاد -على أن الجهاد كالذي لا بد من الأَقوات- إِذ في ترك ذلك خوف غلبة الأَعداء، وفيها تلف الأَبدان والأَديان، والأَموال، ففرض على قدر ما فرض من الأَقوات؛ لما بينت من الخلل، ثم كانت أَحوال أَهل السفر تكون على غير المعروف من أَحوال المقيمين - في حق الرَّزانة والوقار، وحق الانبساط والنشاط - فعلى ذلك: فرائض الأَمرين - نحو الجهاد- فيه أَنواع: ما عُد في غيره من اللعب، وكذلك أَمر الحج. وعلى مثل هذا يخرج رمي الجمار والرمَل والسعي ونحو ذلك.
فجعل ذلك في حق الأَسفار سُنَّة، وإن كان مثل ذلك عُدَّ في غير ذلك عبثًا؛ إِذ قد بينا مخرج العبادات، على ما عليه أَحوال العباد بأَنفسهم، لولا العبادات، واللَّه أعلم.
ثم جعل ذلك في أَمكنة متباعدة الأَطراف؛ إِذ هو بحق أَمر الأَسفار يجب في المعهود؛ فجعل في النسك، بنفسه بالذي به يقطع الأَسفار، ولا قوة إلا باللَّه.
ووجه آخر: من المعتبرات: أَن العبادات جعلت أَنواعًا:
منها ما يبلغ القيام بحقها العامَ فصاعدًا، وهذه لم يجز أَن يجعل وقتها ينقص عن احتمال فعلها. ولا وقت من طريق الإشارة أجمع لمختلف الأَحوال بعد سقوط اعتبار العمر من السنة.
ثم لأَن فعل الحج قد يمتد ذلك، ويجاوز، لم يجعل ذلك وقتًا له، وإنما جعل العمر، لما كان لا وقت يشار إليه إلا وجميع ما فيه مما يحتمله العام الآخر، وما تقدمه وما تأَخره، ثم في العمر أَحوال، لا تحتمل إِضافتها إلى الأَعوام؛ لأَن ما يضاف إلى عام