قيل: الفقه، يقول: يعلمهم الكتاب وما فيه من الفقه.
وقيل: الحكمة ما فيه من الأَحكام من الحلال والحرام.
وقيل: الحكمة: هي السنة هاهنا.
وقيل: الحكمة: هي الإصابة. وبعض هذا قريب من بعض، وباللَّه التوفيق.
وقال الحسن: الحكمة: هي القرآن؛ أَعاد القول به. يعني تكرارًا.
وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الحكمة: الفقه.
وقوله: (وَيُزَكِّيهِمْ).
قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يأْخذ زكاة أَموالهم -فذلك يزكيهم- كقوله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا).
وقيل: يزكيهم إلى ما به زكاة أَنفسهم.
وقيل: يزكيهم بعمل الصالح.
فإن قال لنا قائل ممن ينتحل مذهب الاعتزال: أَليس اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أَضاف التزكية والهداية إلى رسوله، ولم يكن منه -حقيقة- فعل التزكية والهداية، ولا خلق ذلك منه -كيف لا قلتم أيضًا- فيما أَضاف ذلك إلى نفسه: أَن ليس فيه منه خلق ذلك، ولا حقيقة سوى الدعاء والبيان، على ما لم يكن في إضافة ذلك إلى رسوله سوى الدعاء والبيان؟!
قيل: كذلك على ما قلتم: أَنه أَضاف ذلك إلى رسوله بقوله: (وَتُزَكِّيهِمْ)، وبقوله: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقوله: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)، غير أَنه جعل إلى نفسه فضْلَ هدايةٍ، لم يجعل ذلك لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأَثبت زيادة تزكيةٍ، لم يثبت ذلك لرسوله عليه السلام؛ كقوله: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)، وكقوله: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ).
فدل إضافة تلك الزيادة إلى نفسه على: أن له فضلَ فعلٍ، ليس ذلك لرسوله، وهو خلق فعل الاهتداء، وفعل التزكية، وباللَّه التوفيق.
وبعد: فإن الرسول لا يحتمل أَن يملك قدرة فعل أَحد يُقدره عليه لو أَراده بما


الصفحة التالية
Icon