مُسْتَقِيمٍ)، وقال: فأينما تولوا وجوهكم شطره، فثم وجه اللَّه. فيقطع عذرهم وحجاجهم بما بين في كتب لهم أنه يحولهم. وذلك معنى قوله: (لَئلا يَكُونَ لِلناسِ عَليكُمْ حُجة).
وقوله: (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
ثم اختلف في قوله: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ).
قيل: أراد بـ (الناس) أهل الكتاب، وأراد بـ "الذين ظلموا" غيرهم من الكفرة.
وتأويله: لئلا يكون لأهل الكتاب عليكم حجة، ولا الذين ظلموا.
وقيل: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ) يعني أهل الكتاب (عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) فيقولوا: ليس هذا الوصف في كتبهم أنه يصلي إلى بيت المقدس وقتا ثم يتحول إلى الكعبة، (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) يقول: إلا من ظلم منهم عليكم في الكلام بلا حجة ولا دليل فيقولوا: ليس هذا الوصف. ومثل هذا جائز في الكلام، يقول لآخر: ليس لك على حجة إلا أن تظلمني بلا حجة.
وقال الفراء: هذا كما يقول الرجل لآخر: الناس لك حامدون إلا الظالم المتعدي عليك، صواب في المعنى، خطأ في العربية. وذكر بيتا يدل على الجواز.
ما بالمدينة دار غير واحدة | دار إِلَى خليفة إلا دار مروان |
وقيل أيضًا: (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) على القطع من الأول والابتداء بهذا، أي: لا تخشوا الذين ظلموا في الضرر لكم، ولكن اخشوني في ترككم إياها، وأن يقال: لا تخشوهم بالقتال والغلبة، فذلك لهم منه أمن وإظهار على الأعداء، وعلى هذا يخرج قوله: (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) يعني الأمن من الأعداء، ولا نعمة أعظم من الأمن وإظهار الحق كقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)، قيل: هو الأمن من الأعداء، أو أراد بالنعمة كل نعمة من الإسلام، والنصر، وغيره.
(وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) القبلة.
(وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الإرشاد والصواب.