وقوله: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١)
(كمَا) حرف لا يصح ذكره إلا على تقدم كلام؛ إذ هو حرف عطف ونسق، وهو - واللَّه أعلم - كما أرسلنا إليكم رسولا، وأنعم عليكم بمعرفة وحدانيته وبمعرفة محاجة الكفرة وأنعم عليكم بإكرامه إياكم بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، كذلك يجب عليكم أن تذكروه وتشكروا له.
ويحتمل على التقديم والتأخير على ما قاله أهل التفسير: كأنه قال: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم، وذلك في القرآن كثير.
قال الفراء: يحتمل: كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم أذكركم، فيكون فيه جوابه؛ لذلك جزم، وهذا كقول الرجل: كما أحسنت فأحسن.
وقوله: (وَيُزَكِّيكُمْ)، قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يأخذ زكاة أموالكم، ففيه زكاتهم.
وقيل: (وَيُزَكِّيكُمْ) يدعوكم إلى ما به زكاة أنفسكم وصلاحها، وهو التوحيد، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله: (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) هو القرآن.
(وَالْحِكْمَةَ)، قيل فيه بوجوه:
قيل: " الحكمة ": الفقه.
وقيل: " الحكمة ": الحلال والحرام.
وقيل: " الحكمة ": السنة.
وقيل: " الحكمة ": المواعظ.
وقيل: " الحكمة ": هي الإصابة؛ ومنه سمي الحكيم حكيمًا؛ لأنه مصيب.
وقال الحسن: (الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ): واحد، وهو على التكرار؛ كقوله: (تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ)، وهما واحد.
وقوله: (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من التوحيد والشرائع، والمحاجة مع الكفرة،