فهو على ما بينا من القول به، وأما حق التسليم فقد كان في توقيت وقت الصبر، ثم روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " الصبر عند الصدمة الأولى ". وقد رُويَ عن أنس، رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه صلى اللَّه تعالى عليه وسلم قال: " ما من مصيبة وإن طال عهدها فيجدد لها العبد بالاسترجاع إلا جدد اللَّه له ثوابها كلما استرجع ".
فلعل هذا لمن أحسن القبول وقت المصيبة، أو رجع عما كان فرط منه وتاب.
والأول في غير ذلك. واللَّه الموفق.
ثم في الآية وجوه من المعتبر:
أحدها: ما يلزم العبد من المصائب، وما يستوجبه إذا وفَّى بما عليه.
والثاني: في ذلك بيان أن الصحة، والأمن، وحفظ المقدر لأحد ليس بلازم في الحكمة، لكنها إنعام من اللَّه، وله الابتلاء بأخذه؛ إذ لو كان عليه الأول لم يكن يلزمه الشكر في ذلك. واللَّه الموفق.
والثالث: أن اللَّه تعالى ذكر أنه بَلَا العباد بالذي ذكر، ومعلوم أن ذلك يجري على أيدي العباد بهم، فأضاف ذلك إلى نفسه. ثبت أن له في ذلك، تدبيرًا حتى يبلوهم به. والله أعلم.
وفيه أن اللَّه تعالى قال: ونبلوكم بكذا، ولم يكن كان يومئذ ثم كان ذلك، وكذلك قوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ...) الآية. ثم بلوا بذلك ليعلم أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - علم ذلك باللَّه، وتبين أيضًا أنه بموضع البشارة بما يعظم على الخلق ويقتضي القرار في الطبع، لم يحتمل أن يجيزهم به لولا الأمر به وطاعة اللَّه في ذلك.
وأيضًا أنه ذكر الخوف فيعلم أن الخوف من الخلق لا يوهن الاعتقاد، وكذلك قوله: (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، فعلى ذلك، الرجاء والطمع وجملته أن أمر


الصفحة التالية
Icon