وقيل: الكاشف عن كربهم.
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١)
قيل: لعنة اللَّه، هو إدخاله إياهم النار وإخلادهم فيها.
ولعنة الملائكة قوله: (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ)، جوابًا لما سألوهم من تخفيف العذاب، كقوله: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ)، وكقوله: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)، فتقول لهم الملائكة: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)، هذا ما قيل من لعنة الملائكة.
وقيل: لعنة الناس أجمعين، أنهم لما طلبوا من أهل الجنة: الماء بقوله: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ)، هذا لعنة الناس. واللَّه أعلم.
وقوله: (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)
قيل: لا يقالون ولا يردون إلى ما تمنوا، كقوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ).
وقيل: لا ينظرون ولا يؤجلون.
وقيل: لا يناظرهم خزان النار بالعذاب.
* * *
قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤).
وقوله: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ).
ذكر هذا الاسم؛ لأن كل معبود يعبد عند العرب يسمون إلهًا؛ كقوله: (فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ)، وكقوله (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)؛ لهذا ذكر أن إلهكم الذي يستحق الألوهية والعبادة واحد بذاته، لا واحد من جهة العدد بالخلق ذي أعداد وأزواج وأشكال، بل واحد بذاته وبجلاله وعظمته وارتفاعه وتوحده عن شبه