وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩).
طائف من ربك: قيل: عذاب ربك، وسمي: طائفا لأنه أتاهم بالليل، وكل آت بالليل فهو طائف.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠).
قيل: أي: الجنة كأنها صرمت، وهم أصبحوا ليصرموها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣).
قيل: يتسارُّون فيما بينهم؛ فيجوز أن تكون مسارتهم كانت في الأمر بالإسراع في المشي؛ لئلا يشعر بهم أحد من المساكين.
أو يتعجلوا في الخروج والمشي قبل الوقت الذي يصبح فيه المساكين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (٢٥).
فمنهم من ذكر أن اسم جنتهم كان حردا.
وقيل: غدوا على أمر قد استثنوه فيما بينهم.
وقال الزجاج: الحرد له أوجه ثلاثة:
أحدها: القصد، واستدل عليه بقول الشاعر:

أقبلَ سيلٌ كان من أمر اللَّهْ يحرد حردَ الحيةِ الْمُغِلَّهْ
أي: بقصد قصدها.
والثاني: هو المنع، يقال: أحردت السنة؛ إذا قحطت وذهبت بركتها.
والثالث: الغضب، فغدوا على حرد قادرين، أي: على غضب على الفقراء.
وقوله: (قَادِرِينَ).
أي: قادرون عليها في أنفسهم.
ولقائل أن يقول بأن في هذه الآية دلالة تقدم القدرة على الفعل؛ لأنه أثبت لهم القدرة قبل الفعل، ولكن هذه القدرة ليست هذه قدرة الأفعال، وإنَّمَا هي قدرة الأسباب والأحوال.


الصفحة التالية
Icon