أو (وَاقِعٍ) بمعنى: سيقع، كما يقال: قابل: أي: سيقبل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (٢) فإن كان قوله: (لِلْكَافِرِينَ) صلة قوله: (بِعَذَابٍ وَاقِعٍ)، فحقه أن يقول: على الكافرين، ولكن اللام من حروف الإضافة والخفض، وحروف الإضافة مما يستبدل بعضها ببعض؛ فجعل اللام بدلا عن " على ".
وإن كان قوله: (لِلْكَافِرِينَ) صلة قوله: (لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ) فمعناه: أن ليس على الكافرين دافع لعذاب اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بل واقع بهم لا محالة، فأبدلت اللام مكان " عن "؛ لأنهما جميعًا من حروف الخفض.
وقد يدفع العذاب عن المسلمين من وجوه: إما برحمة اللَّه - تعالى - أو بشفاعة الرسل والأخيار، وإما بحسنات سبقت منهم، توجب تكفير سيئاتهم.
فأما الكفار فلا تنالهم رحمته، ولا شفاعة أحد من الخلائق، وليست لهم حسنات تكفر سيئاتهم، فليس لهم ما يدفع عنهم العذاب.
وجائز أن يكون معناه: أن الذين ظنوا أنه ينصرهم عند النوائب وحلول الشدائد، لا يقوم بنصرهم، ولا يشفع لهم؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، ويعبدون الملائكة على رجاء أن يشفعوا لهم، ويقربوهم إلى اللَّه تعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (٣) أي: ذلك العذاب لهم من اللَّه - تعالى - ذي المعارج؛ أي: من له المعارج؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)، أي: الذي له العرش.
واختلفوا في المعارج: قَالَ بَعْضُهُمْ: هي المصاعد، وهي السماوات، وسمَّاهن مصاعد؛ لأن بعضها أصعد من بعض وأرفع، ولو قال: ذي المسافل، كان مستقيمًا، واقتضى ما يقتضي قوله: ذي المعارج؛ لأن بعضها إذا كان أصعد من بعض؛ فالذي تحتها أهبط وأسفل، ولكن ذكر المصاعد؛ لأن هذا أعلى في الوصف.
ثم في ذكر هذا عظيم نعمه وإحسانه إلى خلقه؛ حيث خلق السماوات والأرض