وأما المحروم فقد روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه سئل عن المحروم، فقال: " المحروم هو الذي لا يثمر نخله، ويثمر نخل الناس، ولا يزكو زرعه، ويزكو زرع الناس، ولا تلبن شاته وتلبن شاة الناس " فعنوا بالمحروم هذا: أنه حرم بركة ماله.
وفي هذا الخبر دليل على أن المرء لا يصير غنيًّا بملك النخيل والأرض.
وجائز أن يكون المحروم هو الذي حيل بينه وبين وجوه المكاسب، فمن كان حاله هكذا كان علينا أن نتعاهده ونقوم بكفايته.
وقال الحسن: المحروم هو الذي يتعفف عن السؤال وإن هلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) فيوم الدِّين هو يوم الجزاء ويوم الحساب، فكل من عرف الجزاء وآمن به لم يجزع بما يصيبه، ولا منع الحق الذي طلب منه، ولم يوصف بأنه هلوع، وإنما الهلوع هو الذي يكذب بيوم الدِّين، كما قال: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)، فأخبر أن الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين هو الذي لا يؤمن بالآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) أي: خائفون، وجلون، وهم الذين قال - عَزَّ وَجَلَّ - في آية أخرى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).
وسئل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فقيل له: أهم الذين يسرقون ويزنون ويعملون بالمعاصي؟ فقال: " لا، بل هم الذين يصومون ويصلون ويؤتون الزكاة "، أو كما قال بلفظه عليه السلام.
ووجلهم هو أنهم يخافون ألا يقبل منهم حسناتهم.
أو يخافون أن يكونوا قصروا عن الوفاء بشكر النعم، أو غفلوا عن شكر كثير منها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) فهذا هو الحق ألا يأمن أحد من عذابه وإن دأب في عبادته واجتهد في طاعته؛ لما لا يدري على ماذا يختم أمره؟ أو يخاف