جلده ولحمه وعظمه فتحرقها كذلك أبدا، ولا تُبقي له روحا ولا تذره فيهرب منها؛ فيتخلص من عذابها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩):
قيل فيه بوجوه:
قيل (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)، أي: محرقة للجلد، فالبشر: الجلد، فجائز أن خص الجلد بالتلويح؛ لأن الجلد من الإنسان هو الظاهر؛ فيكون ظاهر الإحراق مؤثرًا فيه؛ فخصه بالذكر لهذا؛ كما سمي الإنسان: إنسانا؛ لظهوره لكل من هو من أهل الروية، وسمي الجن جنا: لاستتاره عمن ليس من جنسه، وهو كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ).
وقيل: (لَوَّاحَةٌ)، أي: ظاهرة للبشر؛ كقوله تعالى: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ).
وقوله: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى)، أي: تظهر لهم وتلوح، فينظرون إليها، ويتيقنون بالعذاب.
ويحتمل أن يكون قوله: (لَوَّاحَةٌ)؛ لأن النار تأكل جلودهم ولحومهم؛ فتظهر عظامهم وتلوح عند ذلك، ثم تبدل جلودا ولحوما، أبدا على هذا مدار أمرهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠):
روي عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنها - أنهم خزنة جهنم مع كل واحد من الأعوان ما لا يحصى، وذكر أن ستة منهم يقودون الكفرة إلى النار، وستة يسوقونهم، وستة يضربونهم بمقامع من الحديد والنيران، والآخر هو الخازن الأكبر، وهو مالك يأمرهم بما أمر هو به.
ويحتمل: أن يكون في السقر تسعة عشر دركا، وقد سلط على كل درك ملك؛ وذلك لأن جهنم ذات حد في نفسها؛ لأن اللَّه تعالى وعد أن يملأها من الجنة والناس، ولو لم ترجع إلى حد، لكان لا يتحقق امتلاؤها بالقدر الذي ذكر.
ويحتمل: أن يعذب فيها بتسعة عشر لونا من العذاب، قد وكل واحد منهم أن يعذب بنوع من ذلك، والأصل: أن اللَّه تعالى حكيم يعلم أن في كل فعل من أفعاله حكمة