وقواهم، ولو أرادوا أن يتعرفوا المعنى الذي لذلك المعنى صلحت النطفة على أن ينشئ منها العلقة والمضغة إلى أن أنشأ منها بشرا سويا، لم يقفوا عليه، فيعلمون أن من بلغت قدرته هذا هو أحكم الحاكمين.
ولو كان الأمر على ما زعموا: أن لا بعث، لم يكن هو أحكم الحاكمين؛ بل كان واحدا من اللاعبين. وتبين بما ذكرنا أن الذي بلغت قدرته ذلك لا يوصف بالعجز، ومن زعم أن قدرته لا تنتهي إلى البعث فقد وصف الرب بالعجز، تعالى اللَّه عما يشركون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠):
فقوله: (أَلَيْسَ)، في موضع التحقيق والتقرير، وإن كان خارجا مخرج الاستفهام على ما ذكرنا: أن ما يخرج مخرج الاستفهام من اللَّه تعالى، فحقه أن نصرفه إلى الوجه الذي يقتضيه ذلك الخطاب أن لو كان من مستفهم؛ فمن قال لآخر في الشاهد: أليس اللَّه تعالى بقادر على إحياء الموتى؟ فحقه أن يقول: بلى هو قادر على ذلك، وكذلك ذكر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال حين تلا هذه الآية: " سبحانك، فبلى " فقوله: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ) أي: هو قادر على إحياء الموتى، واللَّه الموفق.
* * *