مُبْصِرًا)، أي: يبصر فيه، وتقول العرب: " ما زال الطريق يمر منذ اليوم "؛ على معنى: يمر الناس فيه؛ فيرجع هذا إلى وصف ما يكون عليه ذلك اليوم، على ما ذكرنا: أن اللَّه تعالى ذكر اليوم بالأحوال التي يكون عليها حال ذلك اليوم، فمرة قال: (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى)، ومرة قال: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)، وغير ذلك من الآيات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَمْطَرِيرًا)، قيل: شديدا.
وقيل: القمطرير: الذي يقبض الوجه بالبسور والعبوسة، ويزوي ما بين العينين.
وقيل: القمطرير: المشوه على أهل النار.
وقيل: القمطرير: هي كلمة من كتب الأولين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١):
جائز أن تكون الوقاية منصرفة إلى الموعود في ذلك اليوم من العقوبة والنكال، لا أن يكونوا وقوا من هول ذلك اليوم فلا يرون الجحيم ولا أهوالها.
وجائز أن يكون وقاهم عما كانوا يخافون من التبعة لدى الحساب، كقوله: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)؛ فكأنهم يخافون على أنفسهم المناقشة في الحساب، فإذا رأوا سيئاتهم مغفورة، وحسناتهم متقبلة، سروا بذلك، ووقوا شره.
وجائز أن يكونوا أُومنوا من أهوال القيامة وأفزاعها حين نشروا من القبور، وبلغتهم الملائكة بالبشارة، كما قال: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا):
فالسرور عبارة عن انتفاء الحزن عنهم، والنضرة: أثر كل نعيم.
وقيل: نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢) أي: على الطاعات، وصبروا عن معاصي اللَّه تعالى.


الصفحة التالية
Icon