وقيل: ذللت، أي: سويت الأشجار، لا يتفاوت بعضها بعضًا؛ يقول أهل المدينة إذا استوت عذوق النخلة: تذللت النخلة.
وقيل: ذللت، أي: سخرت؛ والتذليل: التسخير، فيتناولون منها كيف شاءوا: إن شاءوا تناولوها وهم قيام، وإن شاءوا تناولوها وهم جلوس، أو نيام على الفرش.
وجائز أن يكون تسخيرها على ما ذكر عن بعض المتقدمين: أن شجر الجنة عروقها من فوق، وفروعها من أسفل، والثمار بين ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥).
فتأويل الأكواب يذكر في سورة: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ).
ثم أخبر أن تلك الأكواب قوارير من فضة، قيل: هي من فضة، ولها صفاء القوارير، يرى ما فيها من الشراب من خارجها؛ لصفائها.
ثم الآنية من الفضة في أعين أهلها أرفع وأشرف من الإناء المتخذ من التراب؛ فكذلك الصفاء الذي يكون بالفضة أبلغ وأرفع في أعين أهلها من الصفاء الذي يقع بالقوارير.
(قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦) على الأصل المعهود: أنه لا ينصرف، وقرئ قوله: [(قَوَارِيرَ)] على الوقف عليه موافقا لآخر سائر الآيات، وقرئ (قواريرًا)، بالتنوين عند الوصل أيضا؛ لأنه رأس الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا):
أي: جعلت على قدر ريِّهم.
وقيل: يسقون على القدر الذي قدروه في أنفسهم، وحدثت به أنفسهم؛ فلا يقدرون في قلوبهم مقدارًا إلا أتوا بها على ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧):
منهم من زعم أن العرب كانوا إذا أعجبهم شراب نعتوه، وقالوا: كالزنجبيل؛ فخرجت البشارة من الوجه الذي ترغب في مثله الأنفس.
ومنهم من ذكر أن الزنجبيل والسلسبيل واحد، وهما اسم العين.