وقيل: أحضرت الرسل؛ ليشهد كل واحد منهم على قومه الذين بعث إليهم؛ كما قال اللَّه، تعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ).
وقيل: (أُقِّتَتْ) أي: وعد لهم بيان حقيقة ما إليه دعوا من وقوع ما أوعدوا قومهم الذين تركوا إجابتهم من العذاب، ووعد لهم الوصول إلى من آمن باللَّه تعالى وأجاب الرسل فيما دعوهم إليه من الثواب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢):
(أُجِّلَتْ) و (أُقِّتَتْ) واحد؛ لأن في التأجيل توقيتا، وفي التوقيت تأجيلا، ثم بين وقت حلول الأجل -أجل العذاب- بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) أي: ليوم الحكم والقضاء، قال اللَّه - تعالى -: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى)، وقال: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ).
فجائز أن تكون الكلمة التي سبقت منه هي تأخير الجزاء إلى يوم البعث؛ فجعل ذلك يوم الجزاء؛ وذلك يكون بالمعاينة، وجعل هذه الدار دار محنة وابتلاء، وذلك يكون بالحجج والبينات؛ فكأنه قال: لولا ما سبق من كلمة اللَّه - تعالى - من تأخير الجزاء والعذاب، وإلا كان العذاب واقعا بهم في هذه الدنيا بالتكذيب.
ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن اللَّه - تعالى - أخر الجزاء والعقاب إلى اليوم الذي يجمع فيه الأولين والآخرين، وقدر في هذه الدنيا خلق هذا البشر على التتابع إلى ذلك اليوم؛ إذ ذلك اليوم هو الذي يوجد فيه الجمع، واللَّه أعلم.
وسمى يوم الفصل لهذا أنه يوم القضاء والحكم، ولأنه اليوم الذي يظهر فيه مثوى أهل الشقاء وأهل السعادة، ويفصل بين الأولياء والأعداء ويفصل بين الخصماء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤):
أي: لم تكن تدري، فدراك اللَّه تعالى؛ ذكر هذا: إما على التعظيم والتهويل لذلك اليوم، أو على الامتنان على رسوله - عليه السلام - بإطلاعه عليه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥):
في هذا دليل على أن الوعيد المذكور على الإطلاق منصرف إلى أهل التكذيب، ثم لم