وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦):
وهم قوم نوح - عليه السلام - وقوم عاد وثمود.
(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧):
قوم فرعون اللعين وقوم لوط - عليه السلام - وغيرهم.
(كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨):
قيل: مجرمي هذه الأمة.
ثم اختلف في وقت فعله:
فمنهم من يقول بأن هذا الإهلاك في الآخرة، لقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ).
ومنهم من ذكر أنه فعل بهم يوم بدر.
ومنهم من ذكر أن فعله بمجرمي أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " نصرت بالرعب مسيرة شهرين "، ألقى اللَّه تعالى في قلوبهم الرعب؛ حتى تركوا الانتداب إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه للمحاربة، مع كثرة شوكتهم، وقلة أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فهذا فعله بالمجرمين، وفي إلقاءه الرعب ألطف آيات رسالته، وأبين حجة عليها إذ كان فيه ما ينبههم أن الذي أقعدهم عن القتال، وقذف في قلوبهم الرعب أمر سماوي لا غير، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ. لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)، معناه - واللَّه أعلم -: إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب اللَّه تعالى، وهم كانوا يكذبون بالبعث وبالعذاب، لكن يقال لهم هذا بعد البعث؛ فهو منصرف إلى ما ذكرنا من العذاب.
وقوله - عز وبخل -: (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠):
ذكر أن ذلك الظل دخان يخرج من جهنم؛ فيظنون أنه ظل؛ فينطلقون إليه؛ رجاء أن ينتفعوا به.