وعن الحسن أنه قرأ مخففة (كالقَصْر)؛ غير أنه فسرها: أي: الجزل من الخشب؛ الواحد: قصرة؛ كقولك: تمرة وتمر، واللَّه أعلم.
وفيه إخبار عن عظم شررها وقدرها خلافا لما عليه سائر الشرر في الدنيا؛ لأن شرر الدنيا لا يأخذ مكانا؛ بل يتبين ثم ينطفئ.
ثم جائز أن يكون بعض شررها في العظم كالخيام، وبعضه كالقصور، وبعضه كأصول الأشجار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) قرئ: [(جِمَالَتٌ صُفْرٌ) جماعة الجمل]، وقرى: (جِمَالَاتٌ) جمع جمالة.
والصفر: قيل: السود، وإنما سميت السود: صفرا؛ لأن السود تعلوها الصفرة في الإبل، فتسمى بهما؛ يدلك قول القائل عليه:
تلك حبلى منه وتلك ركابي | هن صفر أولادها كالزبيب |
وقرئ (جِمَالَاتٌ) برفع الجيم، وهي حبال السفن تمد، ثم إذا ضمت تكون كأوساط الرجال؛ فشبه الشرر بالحبال الممدودة الصفر عند الامتداد وعند الانضمام كأوساط الرجال؛ فتكون كالقصر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) جائز أن يكون معناه: أنهم لا ينطقون نطقا ينتفعون به كما لم يكونوا ينطقون في الدنيا كلاما يقربهم إلى اللَّه تعالى، فعاملهم في الآخرة حسب معاملتهم اللَّه تعالى في الدنيا، وهو كقوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ)، وقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا) الآية.
ومنهم من يقول: لا ينطقون في بعض المواضع، وينطقون في بعضها.
ويحتمل: أي: لا ينطقون بحجة؛ بل يكذبون؛ كقوله: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ).