وعن الحسن: هي السماوات.
وقال الزجاج: المعصر: هو الذي قد أتى وقت إرسال القطر منه؛ كما يقال: مجرز لما أتى وقت جرازه.
ثم في إنزال الماء من المعصرات تذكير النعم والقدرة والحكمة، وكل وجه من هذه الأوجه الثلاثة يوجب القول بالبعث:
فأما وجه تذكير النعم، فهو أن القطر ينزل من السماء متتابعا، ثم اللَّه - تعالى - بلطفه يمنع اتصال بعض ببعض والتصاقه، ويرسل كل قطرة إلى الأرض بحيالها، وينزل بعضها على أثر بعض؛ لينتفع بها، ولو التصق بعضها ببعض واتصل، لم يقم لها شيء؛ فكانت تصير سببا للتعذيب والإهلاك، فبفضله ورحمته أنزلها متتابعة؛ لينتفع بها الخلق، ويتمتعوا بها.
وفيه تذكير القوة والحكمة - أيضا - لأنه أنشأ السحاب الثقال، وساقه إلى الموضع الذي قدر أن يرسل القطر هنالك، ومعلوم أن ذلك الإرسال ليس من فعل السحاب؛ لأن السحاب يمتنع عن إرسال القطر حتى ينتهي إلى الموضع الذي أمر بإرسال القطر فيه، ولو كان ذلك للسحاب نفسه، لكان أينما مر يعمل في الإرسال، ولو كان ذا ثقب لكانت الريح متى دخلت في الثقب أرسل السحاب ما أنشئ فيه من القطر، فإذا لم يوجد ذلك بان أن اللَّه - تعالى - بحكمته وقدرته ولطفه هو الذي أنشأ فيه ذلك، ودبر إرساله، لا أن يكون ذلك عمل السحاب، ولو أراد أحد من حكماء الأرض أن يعرف المعنى الذي له صلح ذلك السحاب أن يستمسك فيه القطر، ولا يستمسك في مكان آخر، لم يقف عليه، فذكرهم، ليعلموا أن حكمته ليست على الوجه الذي ينتهي إليه حكم البشر، ولا قدرته مقدرة بقوى البشر؛ بل هو قادر على ما يشاء، فعال لما يريد.
وفيه أن تدبير السماء والأرض والهواء يرجع إلى الواحد القهار؛ إذ لا يتهيأ لأحد أن يمنع القطر المرسل من السماء عن الوصول إلى الموضع الذي أمر أن ينتهي إليه.
والثجاج: القطر المتتابع بعضه على إثر بعض، والثج: الصب، والإراقة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥):
جائِز أن يكون ذكر الحب؛ لأن المقصود من زراعة ما يكون له [الحب - الحب]؛


الصفحة التالية
Icon