الفائدة، فيما وصف جبريل - عليه السلام - بالقوة والأمانة بقوله: (ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ. مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)، فوصف بالأمانة؛ ليؤمن الخلق عن خيانته في الكتاب وتغييره، ووصفه بالقوة؛ ليعلم أن غيره لا يتهيأ له أن ينتزع منه ما أرسل على يده، فيغيره، فكذلك وصفه بالختم والأعلام؛ ليؤمن من الزيادة فيه والنقصان.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) أي: للمكذبين بجميع ما يحق عليهم تصديقه، وذلك يكون بالإيمان باللَّه تعالى، وبآياته، ورسله، وبالبعث.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) الدِّين اسم لشيئين: اسم للجزاء، واسم للاستسلام والخضوع؛ فسمي: يوم الدِّين؛ لما يدانون بأعمالهم، أو لما يستسلمون لله - تعالى - في ذلك اليوم ويخضعون له، وفي تكذيبهم بيوم الدِّين تكذيب لقدرة الله تعالى وتكذيب رسله؛ لأن الرسل كانوا يدعونهم إلى الإيمان بيوم الدِّين؛ فكانوا يكذبونهم بتكذيبهم بذلك اليوم؛ فيكون تأويله منصرفا إلى ما ذكرنا من تكذيبهم بجميع ما يحق عليهم التصديق به.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) المعتدي هو الذي يتعدى حدود اللَّه تعالى، والأثيم: الذي يتأثم بربه؛ فيكون مجاوزًا به عن الحدود، والتأثم بربه هو الذي يحمله على التكذيب، وإلا لو قام بحفظ حدوده، ولم يأثم بربه، لكان لا يكذب بيوم الدِّين.
أو يكون فيه إخبار أن المكذب به معتد أثيم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) قال: (أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ): أباطيل الأولين.
وقال أبو عبيدة: الأساطير: هي التي لا أصل لها.
ومعناه عندنا: ما سطره الأولون، أي: كتبه، فالسطر: الكتابة؛ فيخبرون أنها ليست من عند اللَّه تعالى، بل مما كتبها الأولون الذين لا نظام لهم، ولم يكن يقولون هذا في كل ما يتلو عليهم، ولكنهم كانوا يعارضونه بهذا عندما كان يتلو عليهم من نبأ الأولين، وكانوا ينسبونه إلى السحر إذا أتاهم بالإيات المعجزات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ... (١٤) قيل: الرين: الستر والغطاء.
وقيل: الرين: الصدأ؛ فاللَّه - تعالى - سمى الإيمان الذي هو في النهاية من


الصفحة التالية
Icon