وقَالَ بَعْضُهُمْ: يبدئ الخلق، ثم يعيده بعدما أماته.
وقوله: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) الغفور: هو الستور يستر على المذنب ذنبه إذا تاب حتى لا يذكر به، ولولا ذلك لم يكن يصفو له نعيم الآخرة عن التنغيص.
وقوله: (الْوَدُودُ): الذي يتودد إلى خلقه فيما ينعم عليهم ويحسن إليهم؛ قال النبي - عليه السلام -: " جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها "؛ فجعل الإحسان سبب التودد.
والثاني: أن كل من واد آخر، فالحق عليه أن يوده في اللَّه - تعالى - لأنه به نال ما به يتودد؛ قال اللَّه - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)، فكأنه يقول: هو المستوجب للمودة من الخلق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) منهم من جعل المجيد نعتا للعرش.
ومنهم من جعله نعتا لله تعالى.
فمن جعله نعتا للعرش فهو مستقيم؛ لأنه وصفه في مكان آخر بالكريم بقوله: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)، والمجيد يقرب معناه من معنى الكريم؛ لأن الكريم هو الذي عظم قدره وشرفه، والمجيد كذلك هو الشريف المعظم، وعظم قدر العرش في قلوب الخلق وعلا حتى زعم بعض الناس أنه مكان الرب تعالى، والكريم في الشاهد هو الذي يطمع عنده وجود ما يرجى ويؤمل، ويؤمن منه ما يتقى ويحذر، وسمى اللَّه - تعالى - النبات: كريما بقوله: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)؛ لما فيه من عظم المنافع، والكريم: هو النافع للخلق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) أي: ما يريد تكوينه يكونه؛ فيكون فيه إيجاب القول بخلق أفعال العباد، وأنه شاء لكل أحد ما علم أنه يكون منه؛ لأنه امتدح - جل وعلا - بالفعل لما يريد، ولو لم يثبت له صنع في أفعال العباد، لكان لا يختص بهذا الامتداح؛ بل يكون كل واحد مستوجبا لهذا المدح؛ فثبت أن كون حقائق الأشياء بما