أو يكون القسم بهذه الأشياء هو القسم بخالقها؛ فكأنه أمره بالقسم بخالق هذه الأشياء على الإضمار، واللَّه أعلم.
واختلف في تأويل (وَالطَّارِقِ):
فقَالَ بَعْضُهُمْ: ما يجيء به الليل؛ يقال: طرقته بالليل؛ إذا أتيته.
وقال الزجاج: (وَالطَّارِقِ): هو الساكن؛ يقال: أطرق في الكلام مليا؛ إذا وقف، وسكن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو النجم يطرق بالليل، ويخفى بالنهار، وهو النجم الثاقب، ذكره تفسيرًا للطارق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤) اختلف في قوله: (إِنْ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: أريد به هاهنا: " ما ".
وقوله: (لَمَّا) صلة في الكلام، فمعناه: ما كل نفس عليها حافظ، وإنما الحافظ على بعض دون بعض.
والثاني: أن يكون الحافظ على بعض ما في النفس دون بعض، وذلك البعض هو الذي يظهره، فأما الذي يخفيه فإنه لا يشهده كاتباه.
ومنهم من حمل قوله تعالى (لَمَّا) على الاستثناء، فقال: معناه: ما من نفس إلا عليها حافظ.
قال الزجاج: حرف (لَمَّا) استعمل في موضع الاستثناء، يقال في اللغة: " أقسمت عليك لَمَّا فعلت كذا ": أي: إلا فعلت كذا.
فإن كان معناه ما ذكروا، ففيه إلزام التيقظ والتبصر، والنفس من طبعها: أنه إذا سلط عليها من يراقبها ويحفظها، احتشمت من وقتها وخافته، وتكون متيقظة، ولا ترتكب من الأمور إلا ما تعلم أنه لا يلحقها التبعة فيه من الحفاظ؛ فسلط عليه الملكان - أيضا - ليكون متيقظا في كل قول وفعل، فلا يقبل إلا على ما فيه نفع العاجل والآجل.
وسمى اللَّه - تعالى - الملكين: (كِرَامًا كَاتِبِينَ)، ومن صحب المكرم من الخلائق احتشم منه، وتوقى عن إتيان ما يُستحْيا من مثله، ومن أراد أن يكتب