ويحتمل: (ذَاتِ الرَّجْعِ)، أي: بتكرر إدرار بركتها على الخلق استوفوا منها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢) قيل: (ذَاتِ الصَّدْعِ) بالنبات.
أو (ذَاتِ الصَّدْعِ)، أي: ذات أودية وأنهار يجتمع فيها الماء، فينتفع بها الخلق لسقي أراضيهم ودوابهم؛ فعظم أمر السماء والأرض؛ فأقسم بهما.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) يعني: القرآن، وليس بالهزل.
وفي إخراج النبات من الأرض حكمة عجيبة ولطف تدبير؛ وذلك أن النبات شيء لين ينثني بأدنى مس، ثم إن اللَّه - تعالى - بلطفه صدع له الأرض اليابسة الصلبة، وأخرجه منها غير منثنٍ ولا منكسر؛ ليعلموا أن مدبره حكيم؛ فيلزمهم به التوحيد.
وجعل منافع الأرض بمنافع السماء متصلة؛ إذ الأرض إنما تتصدع للنبات إذا أصابها المطر من السماء؛ فيكون في ذلك إنباء - أيضا - أن مدبرهما واحد، ولولا ذلك لم تتصل منفعة إحداهما بالأخرى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) أي: بَيِّن، بَيَّنَ فيه الحلال والحرام، وما يتقى عنه، وما يؤتى، وبيَّن فيه الصواب من الخطأ، وبيَّن فيه الوعد والوعيد.
أو يكون معنى الفصل: التفريق، وهو أن فرق الوعد من الوعيد، والحلال من الحرام، والحق من الباطل؛ فوضع كل شيء موضعه، ولم يخلط أحدهما بالآخر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) أي: باللعب والباطل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦) فقوله: (وَأَكِيدُ كَيْدًا) يحتمل وجهين:
أحدهما: أي: أجزيهم جزاء كيدهم؛ فسمى الجزاء باسم ما له الجزاء وإن لم يكن ذلك كيدًا، كما سمى الجزاء للسيئة: سيئة مثلها، وإن لم يكن الجزاء سيئة، وكما سمى جزاء الاعتداء: اعتداء، وإن لم يكن الجزاء اعتداء بقوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)، وقال: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)، أي: جزاهم جزاء النسيان، أو جعلهم كالشيء المنسي الذي لا يعبأ به، لا أن يكون منه