وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩):
قَالَ بَعْضُهُمْ: الآيات الأربع في صحف موسى وإبراهيم، أولهن (قَدْ أَفْلَحَ...) إلى قوله (خَيْرٌ وَأَبْقَى).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: السورة كلها أنزلت على إبراهيم وموسى عليهما السلام، فإن كانت السورة كلها في الصحف الأولى، فجميع ما في هذه السورة ذكر فيها بحق الحاجة لهم إلى تعرفها، ويكون قوله: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى)، مذكورا بحق الثناء على رسول [الله]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ووجه الثناء: ما ذكر في قوله: (يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ...) إلى آخر الآية، وهو يستحق الثناء بهذا الحرف لما في حفظه - عليه السلام - جميع ما يوحى إليه بمرة واحدة إكرام له وتفضيل؛ فصلح أن يثنى عليه بهذا.
وفي قوله - تعالى -: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) دلالة أن اختلاف الألسن لا يغير الأشياء عن حقائقها؛ لأن اللَّه - تعالى - شهد بكون هذا في الصحف الأولى؛ وليس في الصحف الأولى بهذا اللسان؛ فيكون فيه حجة لأبي حنيفة - رحمه اللَّه - في تجويز القراءة بالفارسية، واللَّه أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon