سُورَةُ الْغَاشِيَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ. تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧).قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قيل: معناه: قد أتاك حديث الغاشية؛ فإما أن يكون الإتيان سابقا أو أتاه حديث الغاشية بنفس هذه السورة.
ثم في هذه الآيات ترغيب فيما تحمد عاقبته، وتحذير عما يذم في العاقبة، وتبيين أن العاقبة المحمودة متصلة باكتسابه وكدحه، وكذلك العاقبة المذمومة ينالها بعمله ونصبه.
ثم اختلف في تأويل (الْغَاشِيَةِ):
فقيل: (الْغَاشِيَةِ): النار تغشاهم، كما قال تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ)، وقال في آية أخرى: (وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ).
ومنهم من يقول: (الْغَاشِيَةِ): هي الساعة؛ سميت: غاشية؛ لأنها تغشى الصغير والكبير، والمحمود والمذموم، والشقي والسعيد؛ فتعمهم جميعا؛ وهذا التأويل أقرب؛ لأنه ذكر الغاشية أولا ثم ذكر الجزاء بعد ذلك بقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ).
ثم قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) أي: ذليلة، وإنَّمَا خص الوجه بالذكر؛ لأن الحزن والسرور إذا استحكما في القلب أثرا في الوجه؛ فيكون في ذكر الوجه وصف للغاية التي هم عليها من الذل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) قَالَ بَعْضُهُمْ: إلى عباده الكفرة، وهو أنهم