أحدهما: أنه سواهم بالأرض؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ).
أو سوى بين الصغير والكبير في الإهلاك؛ فالصغار منهم يومئذ ماتوا بآجالهم، والكبار منهم استؤصلوا بذنوبهم.
وقوله: (وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥):
جائز أن تكون الإضافة منصرفة إلى اللَّه تعالى، وهو أن يكون اللَّه لما أهلكهم لم يخف تبعة الإهلاك.
ووجه الخوف: هو أنه فيما أهلكهم، أهلكهم بما أوجبت الحكمة إهلاكهم، ولم يلحقه تقصير في الحكمة، ولا وجد العائب في ذلك مقالا.
وهكذا قال الحسن: ذاك ربنا، لم يخف مما أنزل عليهم العذاب.
أو يكون منصرفا إلى العاقر؛ فيكون معناه: أنه عقرها، ولم يخف العاقبة التي حذرهم بها صالح - عليه السلام - من قوله: (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا)، أي: لم يعلم ما يحل به من عقر تلك الناقة، ولو علم لم يفعل.
ويجوز استعمال الخوف في موضع العلم؛ لأن الخوف إذا بلغ غايته، صار علما.
ثم الحكمة في ذكر قصة ثمود وجهان:
أحدهما: أن في ذكرها تثبيت رسالة مُحَمَّد صلوات اللَّه عليه، وهو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يوجد منه الاختلاف إلى من عنده علم الأنباء والأخبار، ولا كان يعرف الكتابة؛ ليقع له المعرفة بهما؛ فثبت أنه بالوحي علم.
والثاني: أن في ذكرها تحذيرًا لمكذبي الرسل، فحذروا بها ليمتنعوا عن تكذيبه؛ فلا يحل بهم كما حل بمكذبي صالح - عليه السلام - من بأسه وعذابه، واللَّه الهادي.
* * *