اللَّه عنهما - أنه قرأ: (من كل امْرئٍ سلام)، وقال: يعني: الملائكة.
ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: اختلفت الروايات عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في ليلة القدر متى تكون؟ واختلفت الصحابة - رضوان اللَّه عليهم أجمعين - فيها: روى عبد اللَّه بن أنيس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " التمسوها في العشر الأواخر، واطلبوها في كل وتر ".
وروى عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ليلة تسع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين ".
وروى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -أنه قال: " تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر ".
وروي أنها في سبع وعشرين.
وعن عبد اللَّه بن عمر أنه: سئل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن ليلة القدر -وأنا أسمع- قال: " هي في كل رمضان ".
وعن زر قال: قلت لأبي بن كعب: أخبرني عن ليلة القدر، يا أبا المنذر؛ فإن صاحبنا عبد اللَّه بن مسعود سئل عنها، فقال: من يقم الحول يصبها فقال: نعم، رحم الله أبا عبد الرحمن، واللَّه لقد علم أنها في رمضان، كره أن تتكلوا، واللَّه إنها في رمضان، ليلة سبع وعشرين.
ثم ليس لنا، ولا لأحد أن يشير إلى تلك الليلة، فيقول: هي ليلة كذا: ليلة سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، إلا أن يثبت بالتواتر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في ذلك خبر بالإشارة إليها؛ فعند ذلك يسع، وإلا كانت مطلوبة في الليالي.
وعلى هذا الوجه تخرج الأخبار المروية على التوافق دون المناقضة، وتكون كلها صحيحة؛ فتكون في سنة بعض الليالي، وفي سنة أخرى في غيرها، وفي سنة في العشر الأواخر من رمضان، وفي سنة العشر الأوسط من رمضان، وفي سنة في العشر الأول، وفي سنة في غير رمضان، واللَّه أعلم بالصواب.