يقول اللَّه، تعالى: يرتفع عنهم السحر عن أبصارهم، فيرونها عين اليقين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨) ظاهر هذا يقتضي أن يكون سؤالهم بعدما دخلوا النار؛ لأنه قال: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ) بعدما وصف أنهم يدخلون النار؛ فبان أنه في ذلك الوقت، فإن كان على ذلك، فهو في موضع التقرير عندهم: أنهم استوجبوا المقت والعقوبة؛ لأنه كان عندهم أن من أنعم عليه بنعمة، فلم يشكرها، استوجب المقت والعقوبة؛ فاللَّه - تعالى - يسألهم في ذلك الوقت عن شكر ما أنعم عليهم؛ ليقرر عندهم استيجاب العقوبة، ويجوز أن يكون هذا عند الحساب؛ لأنه قال: (يَوْمَئِذٍ)، ولم يقل: قبل ذلك، أو بعده؛ بل قال على الإطلاق؛ فيعمل به.
وإذا احتمل ذلك الوجه أن ينصرف إلى المؤمنين والكافرين كان الوجه في سؤال المؤمنين تذكيرهم أن أعمالهم لم تبلغ ما يستوفي بها شكر النعمة التي أنعمها عليهم، وليعلموا أن اللَّه - تعالى - تفضل عليهم، وتجاوز عنهم، لا أن بلغت إليه حسناتهم، فاستوجبوا رحمته بها؛ بل بكرمه وفضله.
وإن كان في الكافرين، فهو تقرير ما استوجبوا من نقمته حيث تركوا شكر نعمه.
ثم قوله - تعالى -: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) إن كان السؤال من الكفرة فإنهم يسألون عما تركوا من الإيمان باللَّه - تعالى - وبما أتى إليهم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبغير ذلك من النعيم.
وإن كان في المؤمنين فهو في سائر النعم من المأكول والمشروب والملبوس ونحوها، واللَّه أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon