عنها - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه ".
وسئل ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما -: أيأخذ الرجل من مال ولده؟ فتلا (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا...) الآية، فهو مما وهب اللَّه لنا؛ فهم وأموالهم لنا، والله أعلم.
ويحتمل ما أغنى عنه ما جمع من المال، وما كسب من العمل والإنفاق الذي أنفق على الطمع الذي فعل، أي: لم يغنه شيئا.
أو لم يغنه ما كسب عن صد الناس عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والدخول في دينه والاتباع له، وسوء المقال الذي قال فيه.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (تبت يدا أبي لهب وقد تب ما أغنى عنه ماله وما اكتسب).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣):
أي: ذات التهاب.
وفيه دلالة إثبات رسالته، حيث أخبر أنه سيصلى نارا، ولا يصلي النار إلا بعد ما يختم بالكفر، ثم كان كما أخبر؛ دل أنه علم ذلك باللَّه تعالى.
وفي هذه السورة دلالتان أخريان يدلان على نبوته:
إحداهما: أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إنما قرأ هذه السورة عليهم بمكة حين لم يكن له ناصر في الدِّين، وكانت المنعة والقوة للكفرة، وكانوا جميعا أولياء أبي لهب وأنصارا له عن آخرهم، ولا يحتمل أن يكون مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقرأ هذه السورة عليه، وفيها سب له وتعيير إلى يوم القيامة، مع قلة أوليائه وكثرة أعدائه؛ إذ فيه خوف هلاكه - إلا برب العالمين.
ومعنى آخر: أنه - عليه السلام - كان موصوفا بحسن العشرة وإجمال الصحبة مع الأجانب؛ فما ظنك بالعشيرة والأقارب مع ما أنه كان متنزها عن الفحش في جميع أوقاته؛ فما جاز له هذا إلا بالأمر من اللَّه تعالى؛ فدل ذلك على نبوته ورسالته.
وقوله - - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤):
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: كانت حمالة النميمة والحديث بين الناس، فأوعدها اللَّه -


الصفحة التالية
Icon