وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هُوَ):
اختلف في تأويله:
من الناس من قال: هو إضافة إلى الذي عنه كان -أو يكون- السؤال المقتضي ما جرى به البيان من الجواب، أي: الذي يسألون عنه: (اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ) إلى آخر السورة.
ومنهم من قال: هو اسم اللَّه الأكبر، يروى ذلك عن بعض أولاد علي بن أبي طالب - رضي اللَّه عنهم - أنه كان يقول في دعائه: " يا هو، يا من لا هو إلا هو، يا من به كانت هوية كل هو "، وذلك يخرج على وجهين:
أحدهما: أنه هو لذاته هوية كل من سواه؛ لما هو يكون محتملا للتلاشي والوجود، إلا هو سبحانه لم يزل ولا يزال هو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) على ما اقتضى بيان وحدانيته في هذه السورة؛ وعلى ذلك قيل: هو الأحد بذاته، المنشيء أحدية كل الآحاد، المتعالى عن كل معاني أحدية من سواه.
والثاني: أن يكون إضافه إلى اسمه الذي لا يحتمله اللسان، وهو الذي لم يطلع عليه الخلائق، وهو الذي يراد في الدعاء: " باسمك الذي من سألك به أعطيته، ومن دعاك به أجبته " فيكون السؤال به بما يكنى عنه من الوجه الذي ذكرت، لا أن يسعه اللسان أو يحتمل الطوق التفوه به تعالى.
والتأويل الأول هو أقرب إلى الأفهام، وأحق أن يكون على ذكر من يقتضي عنه السؤال، ثم التفسير على ما جرى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اللََّهُ):
اختلف في المعنى الذي جرى هذا في حق أهل هذا اللسان أنه مما اشتق من أمر عرفوه أو لا عن أمر عرفوه؟ إذ في كل لسان لما أريد به عند الذكر لسان العرب اسم يدعى به ويسمى، وإن اختلف وزن كل من ذلك على اختلاف الألسن؛ ليعلم أن الأحرف والتقطيع في التكلم إنما هو ليفهم المقصود، لا على توهم حقيقة الاسم بتلك الحروف والتقطيع، وذلك كما يعبر عن تكوينه الخلائق بـ " كن "، لا على تحقيق كاف أو نون في التكوين؛ فعلى ذلك جميع ما يسمى اللَّه - تعالى - لا على تحقيق الحروف التي تجري بها


الصفحة التالية
Icon