النقم والعقوبة.
ويجوز أن يكون هذه محنة امتحن بها رسوله؛ ليعلم شفقته على أمته في ترك الدعاء عليهم بالإهلاك، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا... (٩).
أي: شدة أمرها، أو نقمة أمرها، وعقوبة كفرها.
وقوله: (وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا).
أي: عاقبة عتوها خسارة في الآخرة.
وقوله: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠).
أي: فاتقوا اللَّه يا من تدعون أن لهم لُبًّا، فاتقوه عن أن تكفروا به وبرسوله.
وفيه دلالة: أن خطاب اللَّه إنما يتناول العقلاء منهم، وأن من لا عقل له لا خطاب عليه.
وقوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا)، له وجهان:
أحدهما: أن يجعل الذكر والرسول كله واحدًا، فيقول: أنزل اللَّه إليكم ذكرا، وهو الرسول، وإنما سماه: ذكرا؛ لوجهين:
أحدهما: أن من اتبعه شرُفَ وصار مذكورا.
أو سماه: ذكرا؛ لأنه يذكرهم المصالح والمضار، وما يرجع إليهم من أمر دينهم وعقباهم.
ويجوز أن يكون فيه إضمار، وهو أن يقول: أنزل اللَّه إليكم ذكرًا، وأرسل إليكم رسولا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ... (١١).
بالخفض؛ فمعناه أنه يبين الحلال والحرام والأمر والنهي ونصب، الآيات والأعلام والحجج.
فمن قرأ (مُبَيِّنَاتٍ) بالخفض، فمعناه: أنها تبين الحلال والحرام والأمر والنهي.
ومن قرأ بالنصب؛ فكأنه يريد به: أن اللَّه - تعالى - أوضح آياته وبينها، حتى إن من تفكر فيها وفي جوهرها، علم أنها من عند اللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) كل من